التعليم عن بعد والفقد التعليمي في عصر التكنولوجيا

 

 

 

📘عنوان البحث:التعليم عن بعد والفقد التعليمي في عصر التكنولوجيا

✍المؤلف:د. ناديا بو فياض

📖 المجلة:مجلة الضاد الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية

📚 العدد:7

📆 تاريخ النشر:حزيران 2025

📄 الصفحات:104-129

🏛 دار النشر:دار البيان العربي

 

 

ملخّص الدّراسة

طرحت الباحثة في هذه الدّراسة مسألة التعليم عن بُعد وظاهرة الفقد التعليمي، أي الخسارة في التحصيل الدراسي للمتعلم، بهدف التعرّف إلى واقع التجربة في بلدان محدّدة، والكشف عن تأثيرات هذا النوع من التعليم، وتأثيرات الذكاء الاصطناعي على الفقد التعليمي، خصوصًا في لبنان.

اعتمد ت هذه الدّراسة المنهج الوصفي، وبشكل أدقّ يمكن وصفه بأنه دراسة مسحية (Survey study) لواقع التربية في لبنان وبعض البلدان التي اعتمدت التعليم عن بُعد اضطراريًا أو إراديًا بسبب جائحة كوفيد 19.

بدأت الباحثة بعرض واقع تجربة التعليم عن بُعد في بعض البلدان والفقد التعليمي الناتج عنه، ثم تناولت دور التكنولوجيا في عمل المدرسة، والذكاء الاصطناعي والتحديات التي تواجه العملية التعليمية نتيجة دخوله عليها، بالإضافة إلى صعوبات أخرى تمثلت في نوعية المناهج، والبُنى التحتية في المدارس، والموارد البشرية، التي انعكس عدم ملاءمتها لمتطلبات الوضع على عدم نجاح عملية التعليم.

خلصت الدّراسة إلى استنتاجات منها أن الفقد التعليمي، بصورته السلبية التي ظهر فيها، يدقّ جرس إنذار أمام الأنظمة التربوية، لأن ما افتقده المتعلمون من معارف ومهارات من الصعب تعويضه، وسينعكس هذا عليهم لسنوات عدة قادمة، وعلى اكثر من مستوى في العملية التعليمية – التعلّمية، وعلى جيل بكامله من المتعلّمين. وأن الارتجال كان السمة الغالبة في مواجهة الجائحة خصوصًا على الصعيد التربوي.

وقدّمت الباحثة اقتراحات تساعد المعلم وصاحب القرار ومدير المدرسة على كيفية التعاطي مع التعليم عن بُعد في حال فرض نفسه مرة جديدة، منها التدريب المُسبق للمعلمين وليس في وقت الأزمة، واعتماد طرائق تدريس حديثة مناسبة للتعليم عن بُعد، وتأمين البنى التحتية التكنولوجية في المدارس ووزارات التربية ولدى المتعلمين.

الكلمات _المفتاحية: الفَقْد التعليمي  التعليم عن بُعد  الذكاء الاصطناعي.

Abstract

In this research, Dr. Nadia Bou Fayad addressed the issue of distance learning and the phenomenon of learning loss — that is, the decline in students’ academic achievement — with the aim of examining the reality of the experience in specific countries and uncovering the impact of this type of education and the influence of artificial intelligence in relation to learning loss, particularly in Lebanon.

This study adopted the descriptive method, and more specifically, it can be described as a survey study of the educational situation in Lebanon and in some other countries that were compelled — or chose — to adopt distance learning due to the COVID-19 pandemic.

The researcher began by presenting the reality of the distance learning experience in several countries and the resulting learning loss. She then explored the role of technology in the functioning of schools, the impact of artificial intelligence, and the challenges it poses to the educational process. She also examined additional difficulties, such as the quality of curricula, the infrastructure in schools, and human resources — all of which proved to be inadequate for the demands of the situation, ultimately leading to the failure of the educational process.

The research concluded with several findings, including that learning loss, in the negative form in which it appeared, sounded the alarm for educational systems. The knowledge and skills lost by learners are difficult to recover and will affect them for years to come, at multiple levels of the teaching-learning process, and will impact an entire generation of learners. Improvisation was the dominant response to the pandemic, especially in the educational field.

The researcher provided a set of recommendations to support teachers, decision-makers, and school administrators in how to handle distance learning should it become necessary again. These included pre-crisis teacher training, the adoption of modern teaching methods suited to distance education, and ensuring the availability of technological infrastructure in schools, ministries of education, and among learners.

Keywords: Learning loss – Distance education – Artificial intelligence

مقدّمة

طرأ على التعليم في الدول العربية ومعظم دول العالم عنصران يستوجبان إعطاءهما الأهمية التي يستحقّانها تربويًا، وهما:

العنصر الأول: التعليم عن بُعد، وما ينتج عنه، على مستوى اكتساب المعارف والمهارات والقيم المنصوص عليها في المناهج الدراسية.

العنصر الثاني: الفقد التعليمي، وهو أهم وأدقّ نتيجة للتعليم عن بُعد.

لقد بدأ التعليم عن بعد منذ زمن طويل، وكان المقصود بهذا المصطلح، في بدايات ظهوره، وجود مسافة جغرافية بين المتعلّم والمؤسسة التربوية التي يتابع فيها دراسته. ثم اتخذ أشكالًا متعددة خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا، كالتعليم بالمراسلة، والتعليم بواسطة الراديو، والتعليم بواسطة التلفزيون، والتعليم بواسطة آلة التسجيل، ثم التعليم بواسطة الفيديو، وبعده بواسطة الكمبيوتر والإنترنت.

بدأ التعليم عن بُعد بواسطة المراسلة الورقية؛ فكان المعلم أو الأستاذ يرسل محاضرة أو مقررًا كاملًا إلى الطالب/الطلاب، ويتوقّع منهم أن يحفظوا المحتوى ويقوموا بالواجب ( Assignment) الذي يطلبه منهم، وهم بدورهم يرسلون أعمالهم مكتوبة على الورق.

وبعدما تمّ اختراع الراديو، تم استخدامه للتعليم عن بُعد، خصوصًا لسكان المناطق النائية، بسبب صعوبة المواصلات، وقلة عدد المعلمين، وعدم توافر البناء المدرسي. وبعد ذلك، تم اختراع التلفزيون الذي استُعمل بشكل أكثر فاعلية من الراديو، لأن باستطاعة المتعلّم أن يشاهد المعلّم وهو يشرح الدرس، أو يكتب، أو يرسم خريطة أو جدولًا بيانيًا على السبّورة. وعندما تتوافر الصورة مع الصوت يكون اكتساب المتابع أفضل.

وبعد اختراع آلة التسجيل، استخدمها التربويون لتسجيل محاضراتِهم واستنساخها عشرات المرات، ثم إرسال الشريط الذي يتضّمن المقرر إلى المتعلمين. وأحيانًا كان يُطلب منهم أن يجيبوا معلميهم، عما هو مطلوب منهم، شفهيًا بواسطة تسجيل، خصوصًا في حقل اللغة. وهكذا كانت تجري عمليتا التعليم والتقييم.

ومع اختراع الفيديو، أصبح استخدامه مع التلفزيون أمرًا حيويًا في العملية التعليمية. فقد سجل المعلمون بالصوت والصورة اختبارات علمية، وشرحوا ظواهر طبيعية، وغيرها من المواضيع الأكاديمية، ما سهّل على الطلاب تلقّفها ومتابعة ما تتطلّبه.

لم يكن المخترع يفكر بالمدرسة عندما اخترع هذه الآلات التي استعملها التربوي، عن بعد، كوسائل مساعدة في عمله، بل كان يفكّر بجعل اختراعه وسيلة ذات نفعٍ عام، ترضي طموحه العلمي، وتؤمن له “مكافأة” أو دخلًا ماديًا، لكن التربويين أحسنوا استغلال كل آلة ووسيلة لتعزيز التعليم في المدرسة والجامعة. وهكذا أُدخِلَتْ التكنولوجيا إلى التعليم بشكل فاعل، قبل اختراع الإنترنت. إذ استُعملت شاشات التلفزيون بتقنية معقّدة قليلًا، ضمن ما يُسمى الدائرة المغلقة “Closed circle”. في هذا الإطار، أوضح لنا الباحث نمر فريحه، وهو ممن تابعوا دراستهم في جامعة “ستانفورد” الأمريكية، ما بين العامين 1980 و1985، أن هذه الجامعة  كانت تعتمد شبكة تلفزيونية معينة، كوسيلة لنقل محاضرات أساتذة، من جامعات محددة، إلى طلابها. وسُمّيت هذه التقنية، يومها The Stanford Instructional Television Network ( مقابلة، 2024).

مشكلة الدراسة:

عندما فاجأ كوفيد 19 المجتمعات البشرية عام 2020، وأدى إلى موت الملايين في فترة زمنية قصيرة، أثار الهلع بين الناس بغض النظر عن أنواع أعمالهم أو دخلهم المادي ما أدى إلى إغلاق المرافق العامة والخاصة لوقف انتشاره. وطال هذا الإجراء المؤسسة التربوية كي لا تكون وسيلة نقل الفيروس إلى الآخرين. لذلك، ارتجلت حكومات الدول قرارات للتعاطي مع التربية، تحت وطأة هذه الجائحة، وتعاملت مع الوضع المستجد على مستويات متعددة، منها: الصحي، الاقتصادي، الاجتماعي، والتربوي. ولم تكن الحلول التي نفذّتها سليمة كما يجب، بل اتُّخذت لتمرير فترة الضياع والخوف اللذين سيطرا عليها.

كما أن هذا التعليم لم يحقق ما توقعه التربويون وأصحاب القرار السياسي، بل كانت نتائجه ضعيفة وانعكست على تحصيل المتعلمين على مدى سنوات كما بيّنت ذلك دراسات حول الفقد التعليمي. وضمن هذا الإطار، وصف وطفة هذا الواقع بالقول: “لقد جاء فيروس كورونا ليهزّ أوصال الأنظمة التربوية، ويفجّر أطرها التقليدية، ويضعنا على مسارات جديدة تهدّد الأنظمة التعليمية الحالية، وتعلن عن بداية سقوطها” (وطفة، 2021). هذا القول صحيح إلى حد بعيد، لأنه ينطبق على عدد كبير من هذه الأنظمة التي استمرت بعملها الروتيني، على الرغم من معاناتها من الصعوبات التي واجهها التعليم عن بُعد.

لذلك، تجسّدت المشكلة في عدم فاعلية هذا النوع من التعليم ما أدى إلى ضعف مخرجاته، كما أن دخول الذكاء الاصطناعي ضمن تيار استخدام التكنولوجيا في التربية، أضاف إرباكًا على العملية التربوية ككل. وباتت المجتمعات تواجه في الحقل التربوي ضعف أداء المعلم، وضعف أداء المتعلم، وارتباك في مدى استخدام الذكاء الاصطناعي في أنشطة المتعلّمين وعمل المعلمين.

أهداف الدراسة:

تحاول هذه الدراسة تفسير ما حدث خلال فترة التعليم عن بُعد التي امتدت حوالي سنتين دراسيتين أو أكثر، لمعرفة كيفية التعامل مع التحديات التي تواجهها العملية التعليمية، نتيجة الذكاء الاصطناعي. ويمكن اختصار أهدافها، بالتالي:

  • التعرّف إلى واقع التجربة في بلدان محددة حيث كانت النتائج سلبية في بعضها، وإيجابية في بعضها الآخر.
  • الكشف عن الفقد التعليمي خصوصًافي دولة مثل لبنان.
  • تحليل ما تمّ الحصول عليه من معلومات حول نجاح أو فشل اعتماد التعليم عن بعد، وعن مدى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المؤسسة التربوية.
  • تقديم اقتراحات للتخفيف من وطأة التعليم عن بُعد، في حال تكررت الظروف التي أدّت إليه.
  • تقديم اقتراحات لمواجهة التحديات التي أتى بها الذكاء الاصطناعي إلى قاعات التدريس.

منهجية الدراسة:

تعتمد هذه الدّراسة المنهج الوصفي، وبشكل أدق يمكن وصفه بأنه دراسة مسحية (Survey study) لواقع التربية في لبنان وبعض البلدان التي اعتمدت التعليم عن بُعد اضطراريًا أو إراديًا بسبب تلك الجائحة. كما يتم اعتماد التحليل الكمي لتفسير الوقائع والنصوص. لذلك، سيتم جمع معلومات من مصادر مختلفة، ويتم تحليلها للإضاءة على مشكلة مشتركة أو على ظاهرة اجتماعية شملت عددًا كبيرًا من الناس أو المجتمعات بما فيها المجتمع اللبناني. وبعد التحليل يتم التوصل إلى استنتاجات توضع بتصرف الباحثين وأصحاب القرار بهدف استخدامها في التخطيط المستقبلي لمعالجة نتائج ما حدث وللاستعداد بشكل أفضل في حال تكرر ما حدث.

المصطلحات المستخدمة في الدّراسة

  • التعليم عن بُعد: وهو العملية التعليمية التي تحدث بين المعلم والمتعلم، بواسطة التكنولوجيا، وخارج إطار الصف التقليدي.
  • الفَقْد التعليمي:”هو الفارق بين ما كان يُفترض أن يتعلّمه المتعلّم، وما تعلّمه فعليًّا، لذا، سُمي الفقد التعليمي” (فريحه، 2025، ص 115).
  • ChatGPTهو نموذج ( Model ) من نماذج الذكاء الاصطناعي، مصمّم، خصيصًا، “لإنشاء نصّ أو نصوص تشبه النصوص التي يكتبها الإنسان، أو تحليل النصوص والمعلومات التي يتمّ إدخالها إليه وفهمها بناءً على النصوص التي تمّ تدريبه عليها، ثم يقوم بتوليد إجابات أو نصوص جديدة بناء على النصوص أو المعلومات المُدخلة إليه (Inputs)، في سياق الدردشة مع المُستخدِم.
  • التعليم: هو العمل الذي يؤديه المعلم في قاعة الصف، حيث يقدم الدروس المنصوص عليها في منهج المادة للمتعلمين، ويكون المتعلّم خلالها محايدًا، باستثناء ما يطلبه منه المعلم.
  • التربية: هي عملية تشمل اكتساب المعارف والمهارات والقيم، من خلال عملية التعلم التي يقوم بها المتعلم. (فريحه، 2019، ص16).
  • التكنولوجيا: هي الوسائط التقنية الحديثة التي اخترعها الإنسان ويستخدمها في تسيير شؤونه اليومية والحياتية.

 

واقع تجربة التعليم عن بُعد

أ-عرض الوقائع:

لقد فاجأت جائحة كوفيد 19 العالم بأسره، وأثّرت بشكل مباشر على التربية، إذ اضّطر أصحاب القرار إلى إغلاق المدارس والجامعات، تجنّبًا لانتشار الفيروس. لذلك، تم اعتماد التعليم عن بُعد، كي لا يبقى المتعلمون خارج إطار العملية التعليمية ويخسرون الكثير من المعارف والمهارات. فتمّ اعتماد الوسائل التكنولوجية للمساعدة في عملية التعليم عن بُعد. لكن لم يحقق هذا التعليم ووسائله الأهداف المتوقعة، والتي هي بشكل أساسي ما نصت عليها المناهج الدراسية، إذ لم يصل هذا النوع من التعليم في معظم البلدان، بما فيها العربية، إلى الغاية المتوخاة، أكان ذلك في محاولة إشراك المتعلمين بحصص الدروس وهم بعيدون عن قاعات التدريس، وجعلهم محور العملية التعليمية، أو في تحصيلهم المعرفي على الأقل، إذ إن غالبية المتعلمين لم يشاركوا في الحصص التعليمية، بل كانوا يتلقون المعلومات عبر الشاشة، لذا، لم يتمّ اكتساب معظمها. هناك عوامل أخرى أدّت دورًا سلبيًا في هذا المجال، وهي:

عدم تأمين وسائل التواصل التي تحتاجها عملية التعليم، إذ إن المتعلمين في بعض البلدان لم يستطيعوا متابعة المعلم، لافتقارهم إلى الوسائل التكنولوجية المطلوبة.

إنّ الغالبية الكبرى من المعلمين لم تكُن متدرّبة على التعليم عن بُعد، فاعتمدت الطريقة التقليدية التي اعتادتها قبل الجائحة، لكن مع فارق بسيط وهو أن المعلم بات خلف شاشة يقدم محاضرته للمتعلمين الذين اعتادوا أن يكونوا معه حضوريًا. فحتى هذا الوضع – قبل تناول فاعليته – لم يكن المعلم محضَّرًا له. هنا، فُقِدت عناصر من قبل المعلم تدخل في العملية التربوية كرؤية الجميع أمامه، ومراقبة أي نشاط يطلبه منهم، ولغة الجسد التي يستخدمها مع تلاميذه، بالإضافة إلى عملية التفاعل ككل.

إنّ نسبة كبيرة من المعلمين لم تكن تحسن استخدام الكمبيوتر ولا التطبيقات، التي اعتُمدت في التعليم عن بُعد، بشكل سليم. فهناك عدد لا بأس به من المعلمين الذين شارفوا على بلوغ الستين من عمرهم لا ينتمون إلى جيل التكنولوجيا، بل إلى جيل اللوح والطبشورة، جيل الورقة والقلم، جيل التشبث بهيبة المعلم في قاعة الصف وممارساته الفوقية أحيانًا. هؤلاء لم يتسنَ لهم الوقت ليتدربوا على استخدام الوسائل التكنولوجية بشكل عام، وتلك المتعلقة بالتعليم بشكل خاص، والتطبيقات التي يتم استخدامها بواسطة هذه الوسائل، أو حتى ليتأقلموا معها، فشكّل هذا الأمر عائقًا أمامهم للقيام بهذه المهمة. كما أن نسبة أخرى من المعلمين رفضت تقديم دروس عن بعد بواسطة الكمبيوتر، بل طلبوا أن يتمّ تصوير الصف الذي هم فيه ويشرحون الدرس بواسطة الطبشورة واللوح، وأن تنقل إلى المتعلمين كفيلم.

كذلك افتقد التعليم عن بُعد توفُّر تقني تكنولوجي (IT) ليتدخّل عند حصول أي مشكلة، بينما المعلم والمتعلمون لا يحسنون ذلك. فكانت حصص بأكملها تضيع جراء هذا النقص. وهذا صبّ في خانة ضعف إنتاجية هذا النوع من التعليم. في هذا الإطار، أشارت الدراسات الاستطلاعية الأولية التي جرت في بلدان عديدة، ومنها لبنان، بواسطة استمارة أو مقابلة هاتفية أو تلفزيونية، إلى عدم رضا الأكثرية الساحقة من الذين لهم علاقة مباشرة بالتعليم عن بُعْد، عما حصل منذ اعتماده حتى اليوم خصوصًا في الشق اللوجستي.

إن معظم المدارس لم تكن مجهزّة بالوسائط التكنولوجية المرافقة للتعليم عن بُعد. في معظم مجتمعات العالم الثالث، تشكو التربية من قلة التمويل. وبما أن دول منطقتنا تصنّف ضمن هذه الفئة – باستثناء دول الخليج – لذلك، كانت المدرسة تفتقر إلى تجهيزات تكنولوجية؛ وعندما داهم كوفيد 19 الجميع، واضطروا إلى اللجوء للتعليم عن بُعد. وبات دور التكنولوجيا وتطبيقاتها معروفًا في عملية التعليم عن بعد. فأي خلل مادي أو لوجستي يؤدي إلى توقف عملية التعليم. وهذا ما حدث كثيرًا في مجتمعات تشبه مجتمعاتنا، وباتت هذه العملية متقطعة، يسودها الضجر أو الفوضى في الفترات التي تحدث فيها مشكلة فنية.

لم تكن المنصّات التربوية التكنولوجية متوافرة كما يجب، في وقت كانت المناهج والكتب الدراسية ورقية. فعندما قرر المسؤولون التربويون اعتماد التعليم عن بعد، لم تكن متطلبات هذا التعليم موجودة في بلدانهم. إذ من السهل إصدار قرار في بضع دقائق، لكن من الصعب جدًا تأمين منصة تعليمية في يوم أو أسبوع. وهذا انعكس سلبًا من حيث إضاعة الوقت، وصعوبة وصول المتعلمين إلى المنصات، بالإضافة إلى الصعوبات التكنولوجية التي ترافق كل تطبيق أو أداة.

لم يتوفر الجوّ التعليمي الذي يتطلبه التعليم عن بُعْد بشكله المقبول، سواء لدى المعلم أو المتعلم. من العوامل التي أثّرت سلبًا، في هذا الإطار، أزمة الكهرباء في بعض البلدان، ومنها لبنان إذ كانت تنقطع بشكل مفاجئ، ومن دون تأمين بديل سريع. كذلك انقطاع الإنترنت، نظرًا إلى الضغط الذي كانت تتعرّض له. أضف إلى ذلك، البيئة الأسرية التي أصبحت بديلًا لغرفة الصف، والمنازل  ليست كلها واسعة بشكل كافٍ، كي تتّسع، في الوقت عينه، لعدد من الأولاد الذين يتابعون التعليم عن بُعْد. فهناك أسر لديها ثلاثة أو أربعة أولاد في المدرسة، وعليهم متابعة التعليم مع عدد مماثل من المعلمين. فمن أين يأتي الأهل بأربع كمبيوترات أو تابلات (Tablets) أو هواتف؟ هذا بالإضافة إلى الهدوء المفترض أن يسود غرف البيت. لذا، أضحى الأمر عبئًا على الأهالي الذين لم يستطيعوا تأمين الجو التعليمي المفترض لأولادهم في مساكنهم.

لم تتم تغطية محتوى كل مادة دراسية كما نصّ عليها المنهج الدراسي. إذ إن التعليم عن بعد يسمح -نظريًا- بتغطية كمٍّ أكبر من المعارف التي يتضمّنها منهج كل مادة دراسية لسنة كاملة، بسبب عدم وجود موانع للذهاب إلى المدرسة، أو مقاطعة مستمرة من قبل المتعلمين في الصف، ما يسمح للمعلم بإنجاز الحصة الدراسية والدرس المصمَّم في الوقت الذي حدده. لكن، هذا لم يحدث بالشكل الذي تصوّره البعض، فقام المسؤولون – كما في لبنان – باختصار منهج كل مادة، ومع ذلك وجد المعلم نفسه أمام خيارات أو أشكال للمادة الدراسية التي يدرّسها غير مناسبة للتعليم عن بعد، فاضطر إلى:

(أ)-الاعتماد على الكتاب الورقي.

(ب)-تحويل الأفكار الرئيسة في الكتاب إلى مادة إلكترونية.

(ج)- تحويل محتوى الكتاب كله إلى نسخة إلكترونية يزوّد المتعلّم بها، على شاشة الوسيلة التكنولوجية التي يستعملها.

وتمّ استخدام هذه الأشكال الثلاثة، من قِبَل المعلمين، كل وفق ما وجده متناسبًا مع قدراته، ومع الوسائل التكنولوجية المتوافرة له.

الإدارة المدرسية: إن أضفنا دور إدارة المدرسة على هذا الوضع، فإن انفتاحها على التعليم عن بُعْد يُعدّ عاملًا مهمًا في إنجاح التجربة، ولو نسبيًا، إذ بالإضافة إلى الدور التقليدي الذي يؤديه المدير، يُتوقَّع منه، هنا، أن يكون واسع الاطلاع، ليصبح على تماس مع أنشطة المعلمين والمتعلمين على السواء. أما في حال كانت إدارة المدرسة غير منفتحة، ليس على نوع التعليم فقط، بل على المساعدة في تأمين المتطلبات اللوجستية والدعم الاجتماعي والنفسي للمشاركين في هذه العملية، سيواجه المتعلمون عن بعد مشكلات في هكذا مدرسة، ما يتسبّب في ضعف أداء المعلّم والمتعلّم على السواء. وهذا ما ظهر بعد انحسار الجائحة وعودة التلامذة إلى مدارسهم للتعليم الحضوري.

وضع المتعلمين: بالنسبة إلى المتعلّمين، فقد وجدوا أنفسهم يعتمدون هذا النوع من التعليم مرغمين، من خلال استبدال غرفة الصف الفعلية بأخرى افتراضية لأجل تقديم ما كان يقدم لهم سابقًا ضمن الصف الحقيقي. وبسبب النقص في الوسائل التكنولوجية، أصبح قسم منهم خارج العملية التعليمية، فظهرت سلبيات اعتماد التعليم عن بعد في مستوى اكتسابهم، وهذا ما تسبّب برسوب أو بتسرّب كثيرين بمجرد أن عادوا إلى مدارسهم. فقسم لا بأس به لم تكن لديهم إمكانيات مالية تتطلّبها عملية التعليم الافتراضي، لأنهم لم يستطعوا متابعة المعلم وزملاء الصف، فخسروا المعلومات التي كان يُفترض بهم اكتسابها. وبعد أن تمّ ترفيعهم إلى صف أعلى واجهوا صعوبات لم يستطيعوا تجاوزها، فرسب قسم منهم، وتسرّب قسم آخر. وقد حدث هذا في معظم مجتمعات العالم الثالث. وتسبب الأمر، في الحالتين، لمن استطاعوا تأمين مستلزمات التعليم عن بُعد ولمن لم يستطعوا، بفقدان جزء لا بأس به من المعارف والمهارات الدراسية التي كان يفترض بهم تعلّمها. وهذا ما سبّب الفقد التعليمي لدى نسبة لا بأس بها منهم. وإن أخذنا لبنان كمثل عن هذه الحالة، نجد أن التأثير السلبي كان كبيرًا.

ب – الفقد التعليمي 

كما أشرنا سابقًا، الفقد التعليمي هو خلل يحدث في العملية التعليمية، يتمثّل في عدم تمكّن التلامذة من تحصيل المعارف أو اكتساب المهارات التي كان من المُفترض عليهم  اكتسابها وإتقانها، خلال فترة تعليمية ما، وما تعلموه او اكتسبوه فعليًا. ويرتبط هذا بما ورد في مناهجهم المدرسية التي تحدد لهم ما عليهم اكتسابه في كل مادة دراسية وفي كل صف دراسي. ومن الواضح أن تقديم المناهج ومحتواها، بالشكل الذي وصفناه حتى الآن، لم يكن كما كان متوقعًا لأن نسبة من المتعلمين لم تستطع المتابعة بشكل مستمر ودقيق، فانعكست نتيجة ذلك على مخرجات العملية التعليمية ضعفًا في مكتسباتهم.

وفي هذا الإطار، أشار تقرير للبنك الدولي (World Bank  ) عن مرحلة التعليم عن بُعد، في ظل كوفيد 19 في الشرق الأوسط، إلى وجود فَقْد تعليمي (Lost Learning)، كما حدث تفاوت في تقديم الخدمات في التعليم (Online)، نظرًا إلى تفاوت قدرات أهالي المتعلمين والمدارس على مستوى تأمين مستلزمات التعليم عن بعد (2020). كذلك أشارت منظمة UNESCO، في تقرير لها بعنوان “اضطراب التعليم بسبب فيروس كورونا الجديد والتصدي له “إلى أن هناك فاقدًا تعلميًا نتيجة للصعوبات التي واجهها المتعلمون”. أضاف التقرير: “إذا ما لجأت هذه البلدان إلى إغلاق المدارس والجامعات على الصعيد الوطني، فسيضطرب تعليم أكثر من 500 مليون طفل وشاب” ( 2021). لكن هذا العدد تضاعف كثيرًا بعد انتشار الفيروس، واضطرار معظم دول العالم إلى إغلاق مدارسها.

ثم صدر تقرير عن اليونسكو واليونسيف والبنك الدولي في العام 2021  ورد فيه أنه قبل تفشي الجائحة، كان حوالى 15 مليون طفل في منطقة الشرق الأوسط تتراوح أعمارهم بين 5-14 سنة خارج المدرسة، وثلثا الأطفال تقريبًا في المنطقة غير قادرين على القراءة بكفاءة، و10 ملايين طفل إضافي معرّضين لخطر التسرّب من المدرسة بسبب الفقر والتهميش الاجتماعي والنزوح والاضطراب. وفي العام 2020، بالإضافة إلى تقديرات ما قبل الجائحة، أشارت تقديرات اليونسكو إلى أن 1.31 مليون طفل وشاب إضافيين معرّضون لخطر التسرّب من المدرسة بسبب أزمة كوفيد19، مشيرة إلى احتمال ألا يعود هؤلاء الأطفال إلى مؤسساتهم التعليمية (اليونسكو، 2021).

وبالنسبة إلى لبنان، قامت مؤسسات تربوية بدراسات ميدانية منها واحدة للمركز التربوي للبحوث والإنماء، وأخرى لمشروع “كتابي”، وثالثة ل  “مركز الدراسات اللبنانية (2023-2024)، في فترة ما بعد كوفيد19، أظهرت جميعها ضعفًا كبيرًا في تحصيل المتعلمين. وهذا يؤكد أن مستوى التعليم عن بعد لم يكن ليوازي ما كان قبل الجائحة على الرغم من ضعفه قبل 2020.

فالمركز التربوي للبحوث والإنماء قدّم دراسة في العام 2023 عن الفقد التعليمي للصفين الثالث والسادس أساسي، في مواد اللغات والرياضيات، وخلُصتْ إلى أن أداء التلامذة في كل هذه المواد كان ضعيفًا جدًا، إذ حصل 75% من تلامذة العيّنة على علامة أو درجة ما بين صفر و67,6%، وكانت النتائج الأضعف في الرياضيات واللغة الأجنبية، و25 بالمئة من تلاميذ العينة حصلوا على درجة أعلى من الدرجة المُشار إليها.

وقام برنامج “كتابي” في العام 2022، ومن ضمن مشاريع المساعدات التربوية التي تقدمها (USAID) في بيروت بدراسة في مدارس التعليم الأساسي للصفوف الثاني والثالث والسادس الأساسي، في مواد اللغات والرياضيات أيضًا، وأظهرت النتائج ضعفًا في مهارات اللغات العربية والأجنبية، وكذلك في الرياضيات.

وفي مطلع العام الدراسي 2023-  2024، أعدّ ثلاثة باحثين (شاهين وحمود وشعيب) في “مركز الدراسات اللبنانية” دراسة للصف العاشر أو الأول الثانوي في المدارس الحكومية، على عيّنة من 272 طالبًا، بيّنت أن نسبة نجاح المتعلّمين في الرياضيات في هذا الصف كانت 3% فقط، وأن معدل علامة النجاح 5/10. أما معدل درجة العيّنة ككل فكان 1,78. وهذا الرقم أسوأ ما يمكن تصوّره، وكأن متعلّمي الصف أميون في مادة الرياضيات. وفي اللغة العربية، كان مستوى النجاح 8%، وفي اللغة الإنجليزية 13% (شاهين وآخرون). ولا يُعزى هذا الواقع السلبي إلى جائحة كوفيد فقط، بل إلى الانهيار الذي أصاب المجتمع اللبناني وتداعيات ذلك على المستوى التربوي.

أيضًا، في إطار جائحة كوفيد 19، وما تسبّب به في التعليم عن بُعد، فإن ما حدث لتلامذة لبنان حدث لأمثالهم في دول افتقرت إلى التسهيلات التكنولوجية وواجهت الصعوبات ذاتها. فبشكل عام، تجسّد هذا الفقد على مستويي المعارف والمهارات، في معظم مجتمعات العالم، كما في الحقلين الاجتماعي والعاطفي، من خلال أداء المتعلّمين. وإن أخذنا بعين الاعتبار أن الجائحة استمرت لسنتين في إرباك المدارس والمتعلمين، يصبح الفقد التعليمي متراكمًا وتأثيره السلبي أعلى، وهذا ما ذكرته معظم الهيئات التي استقصت هذا الواقع. لكن لم يكن من السهل تعويض ما فات المتعلمين من معارف ومهارات خلال سنتي الأزمة، ومن المؤكذ أنه انعكس على أدائهم في السنوات التي تلت الجائحة، وسينعكس عليه في السنوات المقبلة من حياتهم الدراسية. ولو كانت الأنظمة التربوية مستعدة لمواجهة هكذا حالة وبائية طارئة، لكان الفقد التعليمي في حدّه الأدنى. والمثل الذي قدّمناه، عن الوضع في لبنان اتّصف بالتطرّف، لأن نسبة الفقد التي ظهرت في أداء المتعلمين، ربما هي الأعلى، بسبب الانهيار الاقتصادي الذي أعقب مباشرة جائحة كوفيد 19، وانعكس على رواتب المعلمين الذين ذهبوا إلى الإضراب لفترات طويلة، ما جعل السنة الدراسية تتقلص كثيرًا، والانقطاع عن الدراسة أدّى دوره في انخفاض تحصيل المتعلمين.

ج- الثورة التكنولوجية والمدرسة

تطورت التكنولوجيا خلال العقود الأربعة الماضية، بشكل أحدثت نقلة نوعية في الحقل التربوي. ومما لا جدال حوله، أن شبكة الانترنت أصبحت وسيطا ديناميكيًا وتفاعليًا وعالميًا قويًا جدًا لتقاسم المعلومات. فهي توفّر بيئة تعلّمية مرنة وديناميكية ومفتوحة، بمضامين متعددة لتطبيقات كثيرة في مجال التعليم والتدريب، كما تعطي تقنيات الإنترنت فرصة لتطوير تجارب تعلّم جديدة للطلاب، لم تكن ممكنة من قبل. فبعد ظهور الإنترنت، الذي أحدث ثورة في عالم التواصل، أصبحت عملية نقل اللقاءات والمحاضرات قضية سهلة جدًا. ولعل من أهم الاختراعات، حتى الآن، من حيث التعميم وانتشار الاستخدام، هو جهاز الكمبيوتر الذي يُستخدم في مختلف النشاطات اليومية للإنسان، وبات رفيقًا لمعظم العاملين في الحقول الاقتصادية والفكرية، وللطلاب أيضًا وبالنسبة إلى إدخاله في المجال التربوي، كان من السهل جدًا استخدامه لأغراض تعليمية وتعلّمية، وكما يشاء المستخدم. وهكذا أضحى هذان الاختراعان: الكمبيوتر والإنترنت وسيلتين سهلتين في الاستعمال، ومفيدتين في التعليم. ويمكن القول إن ثورة التكنولوجيا قد “أثرت في المجتمعات واقتصادياتها بشكل كبير خلال فترة زمنية قصيرة، وما زلنا نعيش في عصرها وتطوراتها السريعة بغضّ النظر عما إذا كان مجتمع ما يرحّب بها أم لا. لقد فرضت ذاتها على سائر المجتمعات في أنحاء العالم كله”، وبات عدد الذين يستخدمون التكنولوجيا بالمليارات (فريحه، 2023، ص 128).

وهكذا أصبحت التكنولوجيا عاملًا مؤثرًا في مختلف أنشطة الإنسان والمؤسسات، بكل أشكالها، بما فيها المدرسة، مع ما يدور في فلكها من أنشطة تربوية. وقد تعمّدت معظم المدارس في الدول المتطورة دمج التكنولوجيا بالمواد الدراسية التي تقدَّمها للمتعلمين، أي جعلتها وسيلة تسهّل عملية التعليم والتعلّم. هذا وكانت بعض الدول سباقة في هذا الميدان قبل إطلالة كوفيد 19. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أنشأت “نيوزيلندا” مؤسسة من أجل التعليم عن بُعْد منذ أكثر من أربعين عامًا، وهي:

Distance Education Association of New Zealand (DEANZ)

وعند حصول جائحة كوفيد 19، وفَرْض التعليم عن بُعد كإجراء احتياطي، لمنع انتشار المرض، لم تتعامل الدولة النيوزيلندية مع الموضوع كمشكلة يصعب حلّها، بل كان المعلمون جاهزين لتغيير طرائق تعليمهم ووسائله، لأنهم كانوا تدرّبوا على التعليم عن بعد منذ مدة طويلة. وعندما احتاجت الدولة إلى هذا النوع من التعليم، بشقّيه، المباشر (Synchronous)، أي أن يكون المعلم والمتعلمون على الأجهزة في الوقت ذاته، وغير المباشر (Asynchronous)، أي أن يتابع المتعلّمون معلميهم من دون التواجد معًا في الوقت ذاته، كانت الهيئة التعليمية في هذا البلد مؤهلة للقيام بالمهمة بشكل جيد.

واهتمّ عدد كبير من الدول بالتعليم الإلكتروني قبل جائحة كورونا، فعمدت إلى تحويل مناهجها وكتبها الدراسية إلى محتوى رقمي (Digital)، أو إلى نسخٍ إلكترونية (E-copies) – ولليابان تجربة رائدة في هذا المجال – كما درّبت هيئاتها التعليمية على متطلّبات هذا النوع من التعليم، الذي يدمج بين المادة الورقية والإلكترونية، وبين طرائق التدريس المعتادة وتلك التي تستخدم التكنولوجيا. كما كان التعليم عن بُعْد قد استخدم قبل جائحة كوفيد. وأشار “دليلك الشامل للتعليم عن بُعْد” إلى التالي: ” بلغ عدد الملتحقين بالتعليم عن بُعْد في العام 2017 حوالى 6.6 مليون طالب”.   

وقد بدأت تجارب وأبحاث في الدول العربية تأخذ موقعها في الحياة الأكاديمية، حول تأثير التكنولوجيا في العملية التعليمية قبل جائحة كورونا. وعلى سبيل المثال لا الحصر، درس عبد الغني فاعلية برنامج في الجغرافيا قائم على التكامل بين نظم المعلومات والاستشعار عن بُعد، لتنمية بعض المهارات الجغرافية، وعمليات العلم الأساسية لدى تلامذة المرحلة الثانوية. ووضع الموسوي مقالات متعددة وأعمالًا حول استخدام التكنولوجيا في التعليم، وأعطى الأبحاث المتعلقة بأصحاب الحاجات الخاصة مساحة لا بأس بها في أعماله، خصوصًا عندما أدخل متغير التكنولوجيا في عملية تعليمهم وتعلّمهم. كما تناول موضوعات التعليم بين البعد والمزدوج، والصف المعكوس، وشروط نجاحه. وقدّم وطفة أبحاثًا ومقالات حول التعليم الإلكتروني، ومع انتشار جائحة كورونا عمل على التعليم عن بُعْد، لأن هذا النموذج الجديد في التعليم يفترض معرفة بكيفية التعاطي معه، كي لا يسهم في إضعاف المستوى التعليمي للمتعلمين.

كما كانت هناك أنشطة تركّز على استخدام التكنولوجيا في المدارس في بعض الدول العربية، كدولتي الإمارات وقطر. فقد بادرت قطر إلى تنفيذ ورش عمل في إطار التعليم الإلكتروني، وأكد “الجمني” على دور إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصال في إعداد البرامج التربوية التي تجمع بين النظري والتطبيقي باستخدام التكنولوجيا، بالإضافة إلى استخدام منصة الألكسو الإلكترونية للتدريب، ومجموعة  من المداخلات الخارجية من خلال ربط مباشر مع عدد من الخبراء الدوليين المرموقين من جامعات ميشغن وتكساس وكاليفورنيا، لتقديم أحدث التكنولوجيا المبتكرة في تلك الجامعات الأميركية العريقة (صحيفة الوطن 25، 10، 2017).  وقام البلوشي بدراسة حول  تطبيق برنامج «توس» وبحث استخدامات بناءة لتكنولوجيا الهاتف المحمول في تعليم العلوم والمتغيّرات المعرفية.

قدّمنا بعض نماذج العمل من قبل أكاديميين عرب، لتجنّب القول إن عالمنا العربي كان بعيدًا عن مسايرة التطورات التكنولوجية. لكن هذه المحاولات والأعمال كانت متواضعة مقارنة مع ما سبق أن حصل في الدول المتقدمة، التي باشرت – منذ اختراع الإنترنت – باستخدامه في الحقل التربوي، خصوصًا في التعليم الإلكتروني، والتدريب على التعليم عن بُعْد، الذي استمر لـثلاثة عقود، ولم يكن معتمدًا في دول العالم الأخرى، أو في دول العالم الثالث إلا نادرًا.

أما بالنسبة إلى نجاح التجربة، فقد جرت دراسات متعددة خصوصًا في الدول غير المؤهلة تكنولوجيًا، وأشارت النتائج إلى ضعف اكتساب المتعلمين، خصوصًا وأن معلميهم لم يكونوا قد تدربوا على هذا النوع من التعليم، ومنها دولة لبنان وغيرها من الدول العربية.

كما أن الاستخدام السليم للتكنولوجيا في أنشطة الصف، أو ما يُطلب من المتعلّم إنجازه خارج الصف، إنما هو جزء من خطة نقل نقطة التركيز من المعلم إلى المتعلّم. الجدول أدناه، يبيّن أهمية اعتماد التكنولوجيا في عملية التعلّم، مقارنة مع طرائق التدريس العادية، أو ما بات يُسمى “التقليدية”:

 

الطريقة التقليدية الطريقة الحديثة المستخدِمة للتكنولوجيا
المعلم هو المحور والناشط في الصف في عملية التعليم المتعلم هو المحور لعملية التعلم
توفر وسيلة واحدة للمساعدة في شرح الدرس توفر وسائل متعددة بحسب حاجة المتعلم
العمل فردي ومعزول غالبًا العمل تعاوني غالبًا
تقديم المعارف من قبل المعلم تبادل المعلومات بين المتعلمين
التعلم حيادي Passive التعلم نشط ويعتمد الاستكشاف والتحقق
تعلم يعتمد على معلومات ووقائع تعلم يعتمد على تفكير تحليلي وناقد
العمل يعتمد كثيرًا على الاستجابة الرجعيةReactive العمل يعتمد كثيرًا على المبادأةProactive

-Adopted from: International Society for Technology in Education (ISTE).، (وكما وردت في فريحه، ص 119).

د – الذكاء الاصطناعي وتحدياته

في السنوات القليلة الماضية، وبعد الجائحة، حدثت ثورة جديدة داخل “الثورة التكنولوجية”، تمثلت بالذكاء الاصطناعي (Artificial Intellignce AI )، الذي انتشرت أدواته وتطبيقاته ( Tools and applications) بشكل سريع جدًا في معظم الحقول، ومنها حقل التعليم. من بين أدوات الذكاء الاصطناعي هذه  ChatGPT، الذي أصبح  “الموضوع الأكثر إثارة للجدل منذ ظهوره” (Imran & AlMoucharraf, 2023, p.2) و”قضية ساخنة”(Cotton et al., 2023)، إذ إن عدد مستخدميه (Users) بلغ مئات الملايين من حقول مختلفة، في كل أنحاء العالم، من بينهم معلمون، ومتعلّمون. وما زال الجدل قائمًا حول فائدة استخدامه أو قانونية استعمال المادة التي يقدمها للمستخدم بناء على طلب الأخير.

فقد شكّل (ChatGPT3.5) وسيلة سهلة للمتعلم في الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى دوره في الترجمة السريعة وحتى في حلّ العمليات الرياضية والعلمية. وحوّل المتعلم ذاته نظريًا من موقع المنتج للمعرفة بحسب قدراته إلى موقع المستهلك للمعرفة. وهذا تحدٍ للدور التقليدي للمدرسة التي كانت تدفع بالمتعلم للتفكير في حل المسائل الرياضية والعلمية وكتابة مقالة وغيرها. فقد أصبح (ChatGpt) يقوم عنه بهذه المهام  خصوصًا في عملية التعليم عن بُعد، في حال طلب منه المعلم تنفيذ أي نشاط. فهذا النموذج من الذكاء الاصطناعي، يستطيع أن يقوم بمهام متعددة، كان يقوم بها الطالب، من بحث، وتحليل، وكتابة نصوص، وابتكار أفكار وسواها، ما يؤثر حكمًا على اكتساب الطالب المعارف والمهارات الفكرية واللغوية، ويؤدي، بالتالي، إلى فَقْد تعليمي، إذ لا يستطيع معه المعلم، في هذه الحالة، تدارك تأثيرات الذكاء الاصطناعي هذه، كما لو كان في صف تقليدي.

هـ- صعوبات إضافية

بالإضافة إلى المشكلات التي رافقت الوسائط التكنولوجية خلال فترة التعليم عن بُعد، فإن الأنظمة التربوية واجهت مشكلات أخرى تمثلت في نوعية المناهج، والبُنى التحتية في المدارس، والموارد البشرية، التي انعكس عدم ملاءمتها لمتطلبات الوضع، على عدم نجاح عملية التعليم. لقد سبق واستعرضنا العنصرين الأخيرين، يبقى أن نتوقف عند أهمية المناهج الدراسية في التعليم الحضوري أو عن بُعد.

المنهج الدراسي وأهدافه

إن معظم دول العالم، وعددًا كبيرًا من الدول العربية، تعتمد “مناهج المادة الدراسية” التي تتّصف بأنها مناسِبة لنقل المعلومة إلى المتعلمين بواسطة الوسائط التكنولوجية، عن طريق المحاضرة. أي إنّ تنفيذ هكذا مناهج تقليدية كان يعتمد على طريقة المحاضرة من خلال شرح المحتوى للمتعلمين. ووُجّهت انتقادات كثيرة إلى هذا النوع من المناهج قبل جائحة كورونا، لأنها تركز على إعطاء كمٍّ كبير من المعلومات، ثم يُطلب من المتعلم تسميعها شفهيًا أو كتابيًا في الامتحانات. بالإضافة إلى جعل المتعلم حياديًا، أي لا يشارك في حصة الدرس.

وعندما تمّ تطبيق هذه الطريقة في التعليم عن بُعد، كانت فرصة للمتعلمين لعدم متابعة معلميهم البعيدين عنهم، الذين لا يستطيعون إجبارهم على المتابعة. وهذا ما حصل في البلدان التي تعتمد هذا النوع من المناهج، كما أن المعلمين معتادون عليها، وعلى طرائق تدريس محتواها. لذلك أسهمت في تخفيض مستوى استفادة المتعلمين منها، لأن تقديم الدروس إليهم، حضوريًا، يحافظ على حدّ أدنى من المتابعة والتفاعل، بينما يضعف هذان العاملان كثيرًا في التعليم عن بُعد.

وعند تناول المناهج وأهدافها، لا بدّ من تناول محتوى المواد الدراسية وطرائق تدريسها، وأساليب تقييمها في التعليم عن بُعد. فالكتب المعتمدة كانت ورقية، بينما يجب أن تكون إلكترونية، ليس من خلال تصوير النسخة الورقية لتصبح إلكترونية، بل من خلال إعدادها مسبقًا، لتُطبّق إلكترونيًا، مع ما يتطلّبه ذلك من تقسيم خاص للدرس، ووضع الروابط المساعدة (Helpful links)، وتحديد نوعية الأعمال المطلوبة من المتعلمين، وكيفية تنفيذها مع كل درس.

أما طرائق التدريس، التي تُعدّ العنصرَ الثالث في المناهج. فقد قام المعلمون بتدريس متعلميهم عن بُعْد كما كانوا يفعلون في التدريس الحضوري، إذ كانت طريقة المحاضرة هي الأكثر اعتمادًا.  ومن الطبيعي ألاّ تكون هذه الطريقة ذات فائدة في هذا النوع من التعليم. فهناك طرائق حديثة كثيرة لم يتمْ استخدامها، لأنها تتطلّب تدريب المعلم على استخدامها بواسطة التكنولوجيا، مثل: طريقة حل المشكلات، والطريقة الاستقصائية، والطريقة الاستكشافية، وغيرها.

والعنصر الرابع المتعلق بالمنهج هوعملية تقييم أداء المتعلّم عن بُعْد. لهذا التقييم أهداف عدة، يجب تحقيقها في التعليم عن بُعْد، كإعطاء تغذية راجعة للمتعلم عن قدراته، بحيث تحدَّد نقاط ضعفه في المادة، كي يتم العمل على تحسينها. وفي الوقت عينه، يعرف المعلم مخرجات عمله المتمثلة بنوعية أداء تلامذته، كي يحلّل ما حققوه، وليكتشف بنفسه بعض الأمور المتعلقة بطريقة تدريسه، والتقنيات التي يستخدمها. ويهتم الأهل بالتقييم، أيضًا، لمعرفة إمكانات أولادهم في هذا النوع من التعليم. لكن هذه الأمور لم تتحقق، ربما بسبب قصر الوقت أو قلة الاهتمام. إذ اعتمد كل معلم طريقة ابتدعها بنفسه، وفق ما رآه مناسبًا.

في مثل هذه الـحالة غير الـمسبوقة، اتّخذ التقييم شكلًا سطحيًا وغير جدي، لأسباب تقنية أو لعدم اعتياد المعلمين والتلامذة على هذا الأسلوب. حتى أن الأهل لم يتوانوا عن التدخل في مساعدة أولادهم على الإجابة الصحيحة. وهكذا، لم يكن التقييم ناجحًا. لكن ما نعرفه هو أنه تم ترفيع الطلبة جميعهم، بغض النظر عن أدائهم، وهذا عامل آخر من عوامل إضعاف مستوى التعليم، الذي كان ضعيفًا قبل تطبيق التعليم عن بعد.

 

استنتاجات:

بعد استعراض الواقع الذي تم فيه تبنّي التعليم عن بُعد في معظم دول العالم، ومنها لبنان، يمكن الخروج بالاستنتاجات التالية:

  • ظهور الفقد التعليمي بصورته السلبية التي تدقّ جرس إنذار في وجه الأنظمة التربوية ، لأن ما افتقده المتعلمون من معارف ومهارات يصعبتعويضه، وستنعكس آثاره عليهم لسنوات عديدة مقبلة.
  • الارتجال في التعامل معالجائحة، خصوصًا على الصعيد التربوي.
  • إهمالمعظم الأنظمة التربوية تدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا بشكل سليم، وبغضّ النظر عن الجائحة.
  • غياب الجدّية لدى عدد كبير من المعلمين،بالإضافة إلى عدم قدرتهم على التكيّف مع الواقع الجديد الذي فرضه الوباء.
  • عدم توفّر التسهيلات اللوجستية الكافية لتفعيل التعليم عن بُعد بالشكل الذي يخدم جميع المتعلمين، على الرغم من الشعارات الداعية إلى تأمين التعليم للجميع.
  • محدودية دور الإدارات المدرسية، التي اقتصر دورها، في أفضل الحالات، على تقديم التسهيلات البسيطة،من دون أن تؤثّر في تغيير الواقع الصعب.
  • أظهرت الجائحة ضعف حكومات دول العالم الثالث، فكانت إما عاجزة عن تأمين المال اللازم لسد الحاجات في وقت الأزمة، أو ان اهتمام هذه الحكومات بقي منصبًا على الإنفاق على التسلح وأنظمة المخابرات.
  • سوء استثمار التكنولوجيا، إذ لم تستخدم بكفاءتها القصوى؛ كما تعرّضت المنصّات الإلكترونيةوالإنترنت لأعطال متكررة نتيجة الضغط والاستخدام المكثّف.
  • ضرورة التنبّه من استخدام المتعلمين الذكاء الاصطناعي، خوفًا من الاعتماد عليه كليًا، مع ما سيؤدي ذلك من عدم تحمل المسؤولية والعمل الجدي، فكريًا، على مواضيع دراستهم.

 

اقتراحات:

استنادًا إلى هذه الاستنتاجات، نود تقديم بعض الاقتراحات التي قد تساعد المعلم، وصاحب القرار، ومدير المدرسة، على كيفية التعاطي مع التعليم عن بُعد، في حال فرض نفسه مرة جديدة. ومجددًا، نتخذ من لبنان مثالًا، حيث تابع تلامذة منطقة الجنوب الذي هُجّروا من منازلهم بسبب الحرب منذ 7 أكتوبر 2024، تعليمهم عن بُعد. ويفترض دراسة هذه الحالة عند استعادة الوضع الطبيعي، وعودة التلامذة إلى بيوتهم وبلداتهم.

بناءً على ذلك، يمكن للمؤسسات المسؤولة عن تدريب المعلمين أن تدرّبهم مسبقًا، أي في الظروف العادية، وليس في وقت الأزمة. وأن يعتمد هؤلاء طرائق تدريس حديثة تكون منتجة جدًا بواسطة التكنولوجيا كطريقة حل المشكلة، وطريقة المشروع، والطريقة الاستقصائية وغيرها.

كما يجب تأمين البنى التحتية التكنولوجية اللازمة في المدارس ووزارات التربية، ولدى المتعلمين أنفسهم، بحيث يتم تأمين جهاز لوحي “تابلت” لكل متعلم. ومن الواجب أيضًا أن تقوم الحكومات بتأمين الإنترنت مجانًا للمتعلمين.

بالإضافة إلى تأمين منصات تربوية محدّثة تلائم المناهج المعمول بها في كل بلد، وتأمين كتب إلكترونية استنادًا إلى مناهج توضع للتعليم عن بعد بواسطة التكنولوجيا.

أخيرًا، نأمل من الأهالي وأفراد المجتمع المشاركين في الشأن التربوي أن يقوموا بدورهم المهم والدقيق في موضوع تعليم وتربية أبنائهم، لما لذلك من أثر بالغ في نجاح هذا النمط من التعليم.

 

الخاتمة

لقد استعرضنا في هذه الدراسة النوعية واقع التعليم عن بعد والمشكلات التي رافقته أو نشأت عنه. وقد كشفت جائحة كوفيد 19 ضعف البنى المادية التي تحتاجها عملية التعليم حضوريًا أو عن بعد. كما أن إهمال المؤسسات المعنية بتدريب المعلمين، وعدم مواكبتها للتطورات الحاصلة في الحقلين التربوي والتكنولوجي، أدى إلى ضعف واضح في أداء المعلمين خلال الأزمة.

وقد أدّى ضعف المدخلات إلى خلل كبير في المخرجات، وأبرزها المشكلة التربوية التي تمثلت في ظاهرة “الفقد التعليمي”، والتي ينبغي أن تحظى باهتمام بالغ من قبل المعنيين، لما لها من انعكاسات سلبية على التعليم والتعلم، لا تنحصر بالسنة الدراسية عينها التي حصل فيها الفقد هذا، بل تنعكس على السنوات الدراسية اللاحقة، وعلى اكثر من مستوى في العملية التعليمية – التعلّمية، وعلى جيل بكامله من المتعلمين.

من هنا، فإن التربويين مدعوون إلى وضع خطط استباقية تحدّ من هذه الانعكاسات، وتركز على سُبُل معالجتها. كما أن التربية مع نهاية الربع الأول من القرن العشرين بحاجة إلى إعادة النظر في فلسفتها وسياستها ورؤيتها حتى يؤتي الجهد والمال المخصصان لها ثمارًا إيجابية لصالح المتعلم، والمجتمع، والوطن.

 


قائمة المصادر والمراجع

المراجع العربية

  1. الجمني، محمد (2017). استخدام تكنولوجيا المعلومات في التعليم. صحيفة الوطن. الدوحة،25-10-2017.
  2. شاهين، نسرين وآخرون (2024). تأثير الأزمات المتعددة على الفقد التعليمي لدى تلامذة الصف العاشر في المدارس الرسمية اللبنانية. بيروت: مركز الدراسات اللبنانية.
  3. عبد الغني، محمد لطفي عمر (2018). فاعلية برنامج في الجغرافيا قائم على التكامل بين نظم المعلومات والاستشعار عن بُعد لتنمية بعض المهارات الجغرافية وعمليات العلم الأساسية لدى طلاب المرحلة الثانوية. أطروحة دكتوراه، جامعة الزقازيق، مصر.
  4. فريحه، نمر (2019). تعليم فاشل تربية فاشلة: مرثاة التعليم والتربية في لبنان والعالم العربي ( ط1). بيروت: دار الجديد.
  5. فريحه، نمر (2023). مناهج، تعليم من بعد، وتعليم مدمج( ط1).بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر.
  6. المركز التربوي للبحوث والإنماء (2023). الفقد التعليمي(ط1). بيروت: منشورات المركز التربوي.
  7. فريحه، نمر(2024)، مقابلة، بيروت.
  8. فريحه، نمر (2025). قضايا تربوية لبنانية مشكلات ومقترحات (ط1). لبنان: دار سائر المشرق.
  9. وطفة، محمد (2021). هواجس التعليم عن بعد وإشكالياته في ظل جائحة كورونا. المجلة العربية العلمية للفتيان، عدد 34، 16 سبتمبر، 2021، جامعة الكويت.
  10. اليونسكو (2021). فاقد التعلم بسبب كوفيد 19. اليونسكو.

References

  1. Cotton, Debby et al.(2023).  Chatting and cheating: Ensuring academic integrity in the era of ChatGPT, Paper.

https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/14703297.2023.2190148

  1. Imran, Mohammad., & AlMusharraf, Nohra Mansour. ( 2023). Analyzing the role of ChatGPT as a writing assistant at higher education level: A systematic review of the literature.
  2. https://www.researchgate.net/publication/373301918_Analyzing_the_role_of_ChatGPT_as_a_writing_assistant_at_higher_education_level_A_systematic_review_of_the_literature
  3. International Society for Technology in Education (ISTE).https://iste.org/
  4. QITABI 2 .(2022). LITERACY AND NUMERACY BASELINE REPORT: Evaluation of Student Performance in Primary Public Schools in Lebanon.
  5. UNESCO (2021). Africa North and East Middle the in All for Learning Quality Rebuilding:Losses Learning -19C
  6. The World Bank (2020). Concept Note: Supporting Mashreq Education Intervention with Analytical Activities.

Electronic Websites:

E-School News. (2023). https://www.eschoolnews.com/it-leadership/2023/12/11/

 

 

حقوق النشر © محفوظة لمجلة الضاد الدولية – العدد السابع، حزيران 2025.
يُمنع إعادة نشر هذا البحث أو نسخه أو استخدامه لأغراض تجارية أو إعادة توزيعه كليًا أو جزئيًا بأي وسيلة، من دون إذنٍ رسمي وخطي من إدارة مجلة الضاد الدولية حصراً.

تنويه مهم:
يُسمح بالاستشهاد العلمي من هذا البحث، سواء بالنقل الحرفي القصير ضمن علامات تنصيص، أو بإعادة الصياغة،
وذلك ضمن الأطر الأكاديمية المعترف بها، وبشرط الالتزام الكامل بقواعد التوثيق العلمي وذكر المرجع بشكل صحيح
(اسم المؤلف، عنوان البحث، المجلة، العدد، تاريخ النشر، الصفحات).

إن الاستشهاد العلمي لا يُعدّ انتهاكًا للحقوق الفكرية، بل هو حق مشروع ضمن أخلاقيات البحث العلمي.

لأي استفسار أو طلب إذن رسمي لإعادة استخدام المحتوى، يُرجى التواصل مع إدارة المجلة عبر البريد الإلكتروني:
📩 Dhadinternationaljournal@gmail.com

Loading

Scroll to Top