📘 عنوان البحث:لعلَّ والفعل في سورة البقرة، دراسة نحويّة دلاليّة
✍المؤلف:د. إيمان كريم جبّار الحريزي و أ. زهراء جابر محمد
📖 المجلة: مجلة الضاد الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية
📚 العدد: 7
📆 تاريخ النشر: حزيران 2025
📄 الصفحات:307-335
🏛 دار النشر: دار البيان العربي
ملخّص الدّراسة
تسعى الدّراسة إلى تحقيق فهمٍ أشمل لطبيعة العلاقة بين “لعلَّ” والأفعال في سورة البقرة، واستخلاص الدلالات الغنيّة التي تحملها هذه التركيبة اللغوية بالقدر الذي يوضّح جماليات اللغة العربية وبلاغة النصّ القرآني المُعجز.
وقد سارت الدّراسة على المنهج الوصفي التحليليّ فعملنا إحصاءات للآيات القرآنية وقد بلغ عددها (15) آية، ومن ثمّ بدأنا بتحليلها واستنطاق كنهها لمعرفة معاني (لعلّ) الواردة فيها بمصاحبتها مع الفعل فضلًا عن المرور بالجوانب اللغويّة والاعرابيّة كلما تطلّب البحث اعتمادًا على مصادر متنوعة جمعت بين النحو والتفسير والمعجمات.
والمُلاحظ أنّ كل جملة وردت فيها (لعلّ) أفادت معنى التّعليل أو الاستئناف أو الدلالة على الحال، وذلك بالنظر إلى القرائن اللفظيّة التي تفسّر الموقع الإعرابي لـها مع اسمها وخبرها في سياقات النّص القرآني في سورة البقرة المُباركة .
الكلمات_المفتاحيّة: لعلّ، الفعل، سورة البقرة، النّحو، الدلالة
Abstract
his study aims to achieve a deeper understanding of the relationship between “La‘alla” (which expresses hope or possibility) and verbs in Surah Al-Baqarah, and to extract the rich meanings carried by this linguistic construction, highlighting the beauty of the Arabic language and the eloquence of the miraculous Quranic text.
The research follows a descriptive-analytical approach, where we conducted a statistical survey of the Quranic verses containing “La‘alla”, totaling 15 verses. Then, we analyzed them carefully to uncover the meanings of “La‘alla” as it appears with verbs, while also exploring the linguistic and grammatical aspects whenever required. This was done relying on diverse sources combining grammar, tafsir (Quranic exegesis), and lexicons.
It was observed that each sentence containing “La‘alla” conveyed meanings related to causation, resumption, or indication of circumstance, depending on the verbal and contextual clues that clarify its grammatical position alongside its subject and predicate within the context of Surah Al-Baqarah.
Keywords: La‘alla, verb, Surah Al-Baqarah, grammar, semantics
المقدّمة
الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلامُ على رسولِهِ محمدٍ المصطفى وعلى آلهِ أعلام التقى، وبعدُ:
فقد تشعبّت الدراسات اللغويّة القرآنية وتنوعت غاياتها بتنوّع مشارب الباحثين وتعدّد تخصّصاتهم وهذه الدراسة الموسومة: (لعلّ والفعل في سورة البقرة دراسة نحوية دلالية) محاولة لتوضيح المعاني الدقيقة والمقاصد الربّانية عبر أداة من أدوات الربط والاحتمال وهي (لعلّ). فـ”لعلَّ” ليست مجرد أداة من أدوات اللغة، بل هي تعبير عن الأمل والتوقع الذي يتجلى في سياقات متعددة في السورة، مَا يستدعي إلقاء الضوء على كيفية توظيفها وبدلالات متنوعة في السّياق القرآني. إذ سيتناول هذا البحث تحليل “لعلَّ” في سياقاتها المختلفة، واستكشاف كيفية تفاعلها مع الأفعال في الجمل القرآنية، وتأثير ذلك على المعنى الكلي للآيات. وسنقفُ عند الأبعاد الدلالية لهذه الأداة بعد بيان الموقع الإعرابي لها في آيات السورة كافّة، ونرى كيف أسهمت في توجيه القارئ نحو فهمٍ أعمق للرسائل القرآنية. والخُلاصة أنّ البحث يسعى إلى تحقيق فهم أشمل لطبيعة العلاقة بين “لعلَّ” والأفعال في سورة البقرة، واستخلاص الدلالات الغنية التي تحملها هذه التركيبة اللغوية بالقدر الذي يوضّح جماليات اللغة العربية وبلاغة النصّ القرآني المُعجز.
وقد سار البحث على المنهج الوصفي التحليليّ فعملتُ إحصاءات للآيات القرآنية ومن ثمّ بدأت بتحليلها واستنطاق كنهها لمعرفة معاني (لعلّ) الواردة فيها بمصاحبتها مع الفعل فضلًا عن المرور بالجوانب اللغوية والاعرابية كلما تطلّب البحث اعتمادًا على مصادر متنوعة جمعت بين النحو والتفسير والمعجمات .أمّا خطة البحث فنوجزها على النحو الآتي:
المقدّمة.
التمهيد: مقاربة في مصطلحات العنوان
أولاً: قول النّحاة في حرفيّة (لعلّ).
ثانيًا: معاني (لعلّ) في كتب النّحو.
ثالثًا: مقاربة في سورة البقرة من حيث:(مكيّتها أو مدنيّتها،عدد آياتها،مضامينها).
المبحث الأول: الدراسة النّحوية،وتتضمن: استكشاف الموقع الاعرابي لـ(لعلّ) مع الفعل في سورة البقرة.
المبحث الثاني: الدراسة الدلاليّة،وهي في نقاط متعددة:
أولًا: الدلالة على التقوى
ثانيًا: الدلالة على الشكر
ثالثًا: الدلالة على تحقّق الهداية
رابعًا: الدلالة على تحقق التفكّر
خامسًا: الدلالة على التعقّل
سادسًا: الدلالة على الفلاح
سابعًا: الدلالة على التذكير
ثامنًا: الدلالة الإرشادية
وقد اختتم البحثُ بخاتمة لأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة.
أخيرًا، نضعُ بين يدي القارئ الكريم هذا البحث الذي بذلنا فيه الوسع والطاقة، فإن أصبنا فبتوفيقٍ من الله (سبحانه وتعالى) وإن أخطأنا فمِن أنفسنا، وآخر دعواتنا أن الحمد لله ربّ العالمين.
التمهيد: مقاربة في مصطلحات العنوان
أولا: لَعَلَّ في اللغة والاصطلاح
يدلّ الأصل اللغوي (علّ) على التكرار، جاء في كتاب العين أنّ العَلَلُ: الشَّرْبَة الثانية، والفِعْلُ: علَّ القومُ إبِلَهُم يَعُلُّونها عَلاًّ وعَلَلاً. والإبلُ تَعُلُّ نفسها عَلَلاً (الفراهيدي).
وأضاف ابن فارس أنّ: ((… العين واللام أصول ثلاثة صحيحة: أحدها تكرار أو تكرير، والآخر العائق، والثالث ضعف في الشيء)) (فارس، معجم مقاييس اللغة)
ويرى ابن منظور أنّ “عَلَّ بِنَفْسِهِ، يَتعدَّى وَلَا يتعدَّى. وعَلَّ يَعِلُّ ويَعُلُّ عَلًّا وعَلَلًا، وعَلَّتِ الإِبِلُ تَعِلُّ وتَعُلُّ إِذا شَرِبت الشَّرْبةَ الثَّانِيَةَ. ومعنى علّت رويت ونقل حديثًا للإمام عليّ (عليه السلام):”…مِنْ جَزيل عَطائك المَعْلول” يُرِيدُ أَن عَطَاءَ اللَّهِ مضاعَفٌ يَعُلُّ بِهِ عبادَه مَرَّةً بَعْدَ أُخرى (ابن منظور، لسان العرب، 1414هـ).
وجاء في التاج لَعَلَّ بتشديدِ اللامِ، وَلَعَلْ بتخفيفِها: كَلِمَةُ طمَعٍ وإشْفاقٍ، كعَلَّ بغيرِ لامٍ، وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: لَعَلَّ: كَلِمَةُ شَكٍّ، واللامُ فِي أوَّلِها زائدةٌ (الزبيدي).
أما في الاصطلاح، فجاء عن الأزهري: ((علّ، ولعلّ حرفان وضعا للترجي في قول النحويين)) (الأزهري).
والترجي هو إظهار إرادة الشيء الممكن أو كراهته (الجرجاني، 1983).
وفي لعلّ اثنتا عشرة لغة. وهي: لعل، وعل، ولعن، وعن، ولأن، وأن، ورعل، ورعن، ولغن، ورغن، وغن، وهذه الثلاثة بالغين المعجمة، ولعلت، بتاء التأنيث. واختلف في الغين المعجمة، في تلك اللغات الثلاث. فقيل: هي بدل من المهملة. وقيل: ليست بدلاً منها. قال صاحب رصف المباني: وهو أظهر، لقلة وجود الغين بدلاً من العين. ولذلك جعل (الغين) بالمعجم حرفًا مفردًا بباب (المرادي).
وثمة تنازع بين النحاة فيما يخصّ البساطة والتركيب في هذا الحرف، وقد ذكر المرادي: ((ومذهب أكثر النحويين أنه حرف بسيط، وإنّ لامه الأولى أصلية، وقيل هو حرف مركب، ولامه الأولى لام الابتداء، وقيل هو زائد لمجرد التوكيد)) (المرادي).
وقد أكد صاحب رصف المباني على كون اللام زائدة فقد ذكرها في باب علّ وليس لعلّ، وقد أشار أن اللام زائدة عليها، ويذكر أن عملها التوقع في المحذورات والترجي في المحبوبات (المالقي).
ثانيا: معاني (لعلّ) في كتب النحو:
قبل الولوج إلى بيان معاني (لعلّ) لابد من ذكر أنواعها،فقد ذكر النحاة نوعين منها: الأول هي حرف مشبه بالفعل من أخوات (إنّ) فينصب المبتدأ ويرفع الخبر (الجنى الداني في حروف المعاني) ، نحو قوله تعالى : ]فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ[ [هود: 12]، وهذه الآية من شواهد الأشموني في شرحه (ابن مالك)، فالخبر هنا تارك وهي حرف مشبه بالفعل والثاني تكون حرف جر (الجنى الداني في حروف المعاني)، والجرّ بها لغة عقيل ثابتة الأول ومحذوفته مفتوحة الآخر، ومكسورته، ومنه قول الشاعر من (الوافر):
لعلّ الله فضّلكم علينا * بشيءٍ أن أمّكم شريم (شرح الأشموني)
قال الجزولي:” وقد جروا بـ لعلّ منبهة على الأصل. وروى الجر بها، عن العرب، أبو زيد، والفراء، والأخفش، وغيرهم من الأئمة(الجنى الداني في حروف المعاني)“.
وفي لعلّ الجارة أربع لغات: لعل، وعل، بفتح اللام فيهما. ولعل، وعل، بكسر اللام فيهما. قال ابن مالك: “والجر بلعلّ ثابتة الأول أو محذوفته، مفتوحة الآخر أو مكسورته، لغة عقيلية. ..” (الجنى الداني في حروف المعاني).
واختلف علماء العربية في المعاني التي تدل عليها (لعلّ) وقد جاءت آراؤهم على النحو الآتي: وردَ في كتاب سيبويه قوله: ((واذا قلت لعل فأنت ترجوه أو تخافه في حال ذهاب)) (سيبويه، 1988)، فالمعنى الذي قصده سيبويه هو الترجي وهو من المعاني المشهورة والكثيرة، وذكر المرادي أنّ: (( لعلّ تأتي للإشفاق والترجي )) (سيبويه، 1988)، وقد ذكر ابن الحاجب أنه يكون ((للمرجو والمخوف ولكنه كثر في المرجو حتى عدّ غالبا عليه)) (النحوي).
وقد ذكر صاحب أوضح المسالك (لعلّ) في باب أخوات أنّ وقال: (( لعلّ وهو للتوقع وعبّر عنه قوم بالترجي في المحبوب نحو: ] لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا[ (سورة الطلاق، الآية: 1)، أو الاشفاق في المكروه نحو: ]لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ[ (سورة الكهف، الآية: 6))) (الأنصاري، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)، والخضري يقول إنّ لعل للترجي والاشفاق (الأنصاري).
وتتميز لعلّ والأحرف المشبهة بالفعل بـــ(( أنّ أخبارها لا تتقدم عليها)) (الأنصاري ا.)، وذكر صاحب الأزهية أربعة معانٍ: (النحوي، الأزهية في علم الحروف، 1992)
- تكون للتوقع لأمر ترجوه أو تخافه كأنك تقول: لعلَّ زيدًا يأتيني، ولعل العدو لا يدركنا.
- وتكون للشكّ بمنزلة (عسى): ]وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ(سورة غافر، الآية: 36)، والمعنى عسى أبلغ.
- تكون استفهاماً وهو رأي الكوفيين: مثل قولك للرجل لعلّك تشتمني؟، فيجيب بنعم أو لا.
- تأتي بمعنى كي: مثل قولك للرجل زرني لعلي انفعك” وتعني كي أنفعك.
وقد أضاف صاحب الجنى الداني معنى آخر، وهو التعليل ونسب اثبات المعنى للكسائي، والأخفش، وحملا على ذلك ما في القرآن” (الجنى الداني في حروف المعاني)، من نحو ” لعلكم تشكرون “، ” لعلكم تهتدون “، أي: لتشكروا، ولتهتدوا. والترجي، وهو ترج للعباد. وقوله تعالى: ” فقولا له قولاً ليناً، لعله يتذكر أو يخشى ” معناه: اذهبا على رجائكما ذلك، من فرعون (الأخفش الأوسط، 1990).
وبعض النحاة اكتفى بالمعاني الثلاثة: شكاً، وايجاباً واستفهاماً (الزجاج)، فدلالتها على الشك قولك “لعل زيد يقوم”، أما الدلالة على الاستفهام: لعلّ زيد يقوم، كما تقول أظن زيد يقوم؟، فهي دلالة الاستفهام، أما دلالتها على الإيجاب ]لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا[ (سورة الطلاق، الآية: 1).
ثانيًا: مقاربة في سورة البقرة من حيث نوعها وعدد آياتها، مكيّتها أو مدنيّتها، مضامينها
أ- نوع السورة وعدد آياتها.
وهي من السور المدنية عدا الآية “128” فقد نزلت في حجة الوداع” (البحراني)، وذكر ابن كثير أنّها سورة مدنية بلا خلاف (كثير)، وعدد آياتها 286 آية (الزمخشري).
وبالنسبة للتسمية، جاءت قصّة تسميتها: ((أي سورة يذكر فيها قصة البقرة، إنما سميت بها لغرابة قصتها وامتياز هذه السورة بها عن سائر السور)) (المشهدي).
ب_ سبب النزول:
وقد نزلت الآيات متتابعة ولم تنزل دفعة واحدة وهي أطول سور القرآن الكريم، وهي أول سورة نزلت بعد الهجرة (قطب).
ت- فضلها:
جاء في كتب أهل الاختصاص عن فضائل سور القرآن وسورة البقرة من ضمنها عن الصادق (u): ((قال رسول الله أعطيت الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الانجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل سبع وستين سورة)) (البرهان في تفسير القران )، وجاء عن الصادق (u): (( من قرأ سورة البقرة وآل عمران جاء يوم القيامة تظّلانه على رأسه مثل الغيابتين)) (تفسير كنز الدقائق وبحر الرغائب )، وعن أُبي بن كعب عن النبي قال: ((من قرأها فصلوات الله عليه ورحمته واُعطي من الأجر كالمرابط في سبيل الله سنة لا تسكن روعته)) (الطبرسي).
ث-المضمون العام:
لما كانت السورة نازلة نجومًا لم يجمعها غرض واحد، إلاّ أنّ معظمها تُنبِئ عن غاية واحد محصلة وهو بيان أنّ من حق عبادة الله سبحانه أن يؤمن عبده بكل ما أنزله بلسان رسله من غير تفرقة بين وحي ووحي، ولا بين رسول ولا غير ذلك، ثم تقريع الكافرين والمنافقين وملامة أهل الكتاب بما ابتدعوه من التفرقة في دين الله والتفريق بين رسله، ثم التخلص إلى بيان عدة من الأحكام كتحويل القبلة، وأحكام الحج والأرض والصوم غير ذلك (الطباطبائي).
المبحث الأوّل: لعلَّ وموقعها الإعرابي في سورة البقرة مع اسمها وخبرها
إنَّ تناول الموقع الإعرابي لـ(لعلَّ) في سورة البقرة يقتضي الوقوف عند الناحية النحوية في كل الأوجه التي وردت عليها (لعلَّ) في إعرابها وإعراب ما يتعلّق باسمها وخبرها.
وكثيراً ما يرد حكمها في الإعراب على أنّها من الحروف المشبهة بالفعل وهي من الأحرف الناسخة؛ لأنها تفعل فعلها في نصب الاسم الذي بعدها ورفع الخبر سواء كان مفرداً أو مؤولاً، يستدل عليه في الجملة التي تسدّ مسدّ الخبر المفرد.
وقد وردت في سورة البقرة في (15) آية مباركة:
1- قوله تعالى:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (سورة البقرة، الآية: 21)، حيث “تُعرب (لعلَّ) بأنها حرف مشبه بالفعل، وهو حرف ترجٍ ونصب مشبه بالفعل، وهذا ما يفسّر أنه من الأدوات الناسخة للفعل .
وبالنسبة إلى اسمها في سياق النص السابق فقد جاء ضميرًا متصلاً (الكاف)، وهو ضمير مبني في محل نصب اسم (لعلَّ)، والميم علامة الجمع الدالة على الجماعة المقصودة في قوله تعالى. أما خبرها فلم يأت اسمًا مفردًا، وإنما جاء جملة فعلية في قوله تعالى (تتقون) وهي جملة فعلية في محل رفع خبر (لعلَّ)، والتقدير في ذلك على المفرد (لعلَّ الإنسان مُتّقٍ) (صالح، 1418هـ)، فنابت الجملة الفعلية فناب الخبر المفرد وسدّت مسدّه .
وبالنسبة إلى موقع الإعراب في حضور (لعلَّ) مع اسمها وخبرها ما لا يشكّل محلاً من الإعراب، فقد جاءت تعليليّة لا محل لها من الاعراب.
2- قوله تعالى: “ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون” (سورة البقرة، الآية: 179) .
حين ننظرُ إلى إعراب (لعلَّ) فإنها لا تخرج عن كونها حرفًا يدلُّ على الترجي فيها معنى النسخ للفعل، لذلك إنها تفعل في الجملة ما تفعله (إنَّ وأخواتها) من ناحية الإعمال في نصب الاسم ورفع الخبر أيًا كان نوع الخبر، وهنا تُعرب (لعلَّ): حرف ترجِّ ونصب مشبه بالفعل مبني على الفتح الظاهر على آخره. والكاف: ضمير متصل مبني على الضمّ في محل نصب اسم (لعلَّ)، والميم علامة الجمع، وأما خبرها، فقد حضر أيضًا جملة فعليّة في قوله تعالى (تتقون)، وتُعرب: جملة فعليّة في محل رفع خبر (لعلَّ) التي تفيد الترجي، وذلك لأنها يمكن أن تؤوّل بمفرد يسدّ مسدّ الخبر لـ (لعلَّ)، والتقدير في ذلك:(لعلَّ الإنسان مُتّقٍ) (الأصبهاني، 1995).
3- قوله تعالى:” يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (سورة البقرة، الآية: 189) .
إذ يدلُّ حضور (لعلَّ) من ناحية الدلالة النحوية على أنّه أيضًا من الحروف الدالة على الترجي وتوخي وقوع الشيء، إذ يُعرب (لعلَّ): حرف ترج ونصب، مشبه بالفعل مبني على الفتح الظاهر على آخره . واسمه فيما يدلّ عليه (الكاف) الضمير المتصل، والذي جاء في محل نصب، وكذلك الخبر جملة فعلية (تفلحون): جملة فعلية في محل رفع خبر (لعلَّ) على التقدير والتأويل.
ومن ناحية أخرى قد تتضمن الجملة المتكاملة من الحرف المشبه للفعل مع الاسم والخبر ما يدلُّ على الحال في تفسير السابق منها في قوله تعالى: (واتقوا الله لعلكم تفلحون)، أي تشكّل جملة (لعلكم تفلحون) علاقة في تفسير ما يعود على هيئة الحال، وقد تكون في محل نصب حال، والتقدير: (واتقوا الله وأنتم مفلحون)، فإذا كان المقصود كذلك، أفادت الجملة من حيث موقعها الإعرابي في كونها دالة على أنّه سببٌ لنصب الحال، ولا سيما أنَّ الحال تقترن بقرينة ما تعود على تفسير ما يعود على صاحب الحال، فالجملة إما تعليليّة لما قبلها، وإما إنّها ناصبة للحال (الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل) كما يُقدّر في سياق النص السابق .
4-قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصِّيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلَّكم تتقون} (سورة البقرة، الآية: 183) .
نلحظ أنّ ما يتعلق بـ (لعلَّ، اسمها، خبرها) يأتي على شاكلة واحدة فيما يتعلق بشكل الاسم والخبر، إلا أنه قد يختلف النظر في الحكم الإعرابي لموقعها كاملة مع اسمها وخبرها، وهنا (لعلَّ) أيضًا: حرف ترجٍ ونصب قد شُبّه بالفعل مبني على الفتح الظاهر على آخره، والكاف كذلك ضمير متصل في محل نصب اسم (لعلَّ)، والجملة (تتقون) جملة فعلية في محل رفع خبر (لعلَّ)، وهنا في النظر إلى المحل التي تحتله الجملة من (لعلَّ) مع اسمها وخبرها ما يفيد بأنها قد أفادت التعليل (درويش، 1415هـ)، فتُعرب (جملة استئنافية) لا محل لها من الإعراب.
5-قوله تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (سورة البقرة، الآية: 185) .
فكلُّ ما نجده في الصور الإعرابية لمفردة (لعلَّ) لا يكاد يخرج عن الشكل الواحد من ناحية الضمير الواحد (الكاف) الذي يتصل بها ويأخذ محل اسمها من الناحية الموقعية للإعراب، وكذلك يأتي خبرها في شكل الجملة الفعلية بما يمكن أن تؤول بمفرد يدلُّ على خبر (لعلَّ).
وهنا (لعلَّ) حرف ترج ونصب يدلُّ على الشكر، و(الكاف): ضمير متصل في محل نصب اسم (لعلَّ)، (تشكرون): فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، والجملة الفعلية هي في محل رفع خبر (لعلَّ) .
وفي النظر لموقعية إعراب الجملة في (لعلَّ) واسمها وخبرها في قوله تعالى:(ولعلكم تشكرون) ما يفيد في الوقوف عند أنَّ الجملة قد تسدّ مسدّ ما يدلُّ على الحال بدليل وجود الرابط (الواو)، فقد تكون الواو حالية في ذلك:(ولتكبّروا الله على ما هداكم ولعلّكم تشكرون). فإن كان الترجي متوقعًا وفيه رجاء التحقق، فإنَّ (الواو) قد ترتبط بمعنى الحال، فيكون المفهوم من ذلك (ولتكبروا الله على ما هداكم وأنتم شاكرون) (المؤلفين، 2006)، أو قد ترد تعليليّة لا محل لها من الإعراب، أي قد تأخذ على النصب على الحال بدليل وجود (الواو)، وقد تكون منقطعة تفيد التعليل في كل ما جاء ممهداً للتعليل في قوله تعالى.
6-قوله تعالى:{ وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (سورة البقرة، الآية 221).
وهنا يظهر لنا الإعراب نفسه من ناحية ما يتعلق بالاسم والخبر وإعراب (لعلَّ) الدالة على الترجي كونها من الحروف الناسخة، وفي النظر إلى الرتبة التي تحتلها في الإعراب مع الاسم والخبر في قوله تعالى:(لعلّهم يتذكرون) ما يشيرُ إلى أنّها مستأنفة، الغرض منها الإفادة في تفسير السابق منها، لأنَّ سياق النص يفسّر حالة التأكيد والتذكير لما قد يتناساه المرء في ظل هذه الصورة (إعراب القرآن الكريم)، حيث يفسّر وجود (لعلَّ) في الحكم الإعرابي بأنَّ هذه الجملة لا تحتلّ رتبة إعرابية في كونها لا محل لها من الإعراب، إلا أنها مفسّرة لاستدراك الأمر.
7-قوله تعالى: { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَاّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاِخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (سورة البقرة، الآية 150).
إنَّ الحكم الإعرابي كما مثَّلنا له في الأمثلة السابقة من أنَّ (لعلَّ) تستحق معنى النسخ كحرف ناسخ مبنيّ على الفتح الطاهر، و(الكاف) هي ذلك الضمير الذي يقع موقع نصب اسم (لعلَّ)، وكذلك تقع جملة (تهتدون) الفعلية في محل رفع الخبر.
ومن ناحية تعالق جملة (ولعلكم تهتدون) ما يستدعي النظر في السابق منها (ولأتمَّ نعمتي عليكم) وذلك ما يجعل الرتبة المحقّقة للجملة نحوياً تفيد في تحقيق معنى الحال في الخطاب التوجيهي، وكأنّ المقصود بذلك: (ولأتمّ نعمتي عليكم وأنتم مهتدون) (إعراب القرآن الكريم)، فقد أفاد وجود الواو الرابطة على تفسير نصب الجملة من (لعلَّ) واسمها وخبرها على الحالية، لأنَّ الكلام السابق يمهّد لهيئة الحال الذي تظهره الجملة المتكاملة من لعلَّ واسمها وخبرها.
8-قوله تعالى: ( كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (سورة البقرة: الآية 187).
إذ تُعرب بأنها حرفية تفيد معنى الترجي والكاف هو ما حلّ محل الاسم والجملة الفعلية قد سدّت مسد الخبر (الإعراب المفصل لكتاب الله المنزل).
9- قوله تعالى:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ، ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة البقرة، الآيتان: 55- 56).
إذ تُعرب( لعلّ) بأنها حرفية والكاف حلّ محل الاسم والجملة الفعلية التي بعدها تسد مسد الخبر، وقد تكون الجملة المكونة من لعلّ واسمها وخبرها استئنافية لا محل لها من الإعراب (الإعراب المفصل لكتاب الله المنزل).
10- قوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ، ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة البقرة، الآيتان: 51- 52).
حيث وردت الجملة المكونة من الحرف والاسم والخبر معطوفة على محل جملة( وأنتم ظالمون) وهي في محل نصب حال كذلك، والتقدير:(وأنتم تشكرون) معطوفة على جملة (وأنتم ظالمون) (الإعراب المفصل لكتاب الله المنزل).
11-قوله تعالى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (سورة البقرة، الآية 53).
وقعت الجملة المكونة من الحرف (لعلّ) والاسم والخبر هنا في محل نصب حال (الإعراب المفصل لكتاب الله المنزل).
12- قوله تعالى: “كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ” (سورة البقرة، الآية: 219).
جاءت لعلّ واسمها وخبرها جملة استئنافية (إعراب القرآن الكريم) لا محل لها من الاعراب.
13-قوله تعالى: “كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ”. (سورة البقرة، الآية: 219)
حيث تعرب لعلّ بأنها حرف يدل على الترجي واسمها يدل عليه الضمير المتصل والجملة الفعلية هي التي تسد مسد الخبر (الإعراب المفصل لكتاب الله المنزل). حيث تعرب لعلّ حرف مشبه بالفعل واسمها الكاف والخبر في محل رفع خبر لعلّ (القاسم، 1425هـ).
14- قوله تعالى:“وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ” (سورة البقرة، الآية 221).
تُعرب الجملة المكونة من الحرف والاسم والخبر استئنافية لا محل لها من الإعراب (إعراب القرآن الكريم).
15- قوله تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ، كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (سورة البقرة، الآيتان: 241- 242).
حيث تعرب (لعلّ) حرف مشبه بالفعل واسمها الكاف، والخبر في محل رفع خبر لعلّ، والجملة استئنافية لا محل لها من الاعراب (إعراب القرآن الكريم).
الملاحظ أنّ كل جملة وردت فيها (لعلّ) أفادت معنى التعليل أو الاستئناف أو الدلالة على الحال، وذلك بالنظر إلى القرائن اللفظية التي تفسّر الموقع الإعرابي لـها مع اسمها وخبرها في سياقات النص القرآني في سورة البقرة .
المبحث الثاني: الدراسة الدلاليّة
سنخصص هذا المبحث لاستكشاف دلالات (لعلّ) في سورة البقرة بالنظر إلى آراء المفسّرين واللغويين وسنعتمدُ معيار الكثرة في التقسيم، وعلى النحو الآتي:
- أولا:في سياق الدلالة على التقوى
وقد وردت في (ستة)مواضع ,و التقوى هي “سلوك الإنسان اتجاه الله تعالى ومخلوقاته، فهدف الإنسان العبادة التي هي محور حياته فضلاً عن الالتزام بالأوامر والنواهي في المستوى الفردي وفقاً لما رسمه الله عزَّ وجل (البستاني، 1994).
ومن الآيات الدالة على تفسير (لعلَّ) لما يدلُّ على التقوى ما جاء في قوله تعالى في سورة البقرة: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (سورة البقرة، الآية 187)، إذ نجد أنَّ دلالة (لعلَّ) في سياق النص القرآني ما يتضافر مع الاتساع الدلالي لمعنى (لعلَّ) ليشمل معنى تقريب سبب التقوى بحضّهم على فعل التقوى (لعلهم يتقون)، فقد تضافر معنى الحرف مع الفعل في إعطاء الدلالة على فكرة التقوى وفعل ما أمر الله به من ذلك كلّه.
وممّا جاء في دلالة (لعلَّ) على التقوى في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة البقرة، الآية 189)، لقد عكس توظيف (لعلَّ) في وقوعه ملازماً مع الفعل في قوله تعالى:(لعلكم تفلحون) في الإشارة إلى أنَّ من أسباب التقوى الحج ما لا يحصل في غيره، “فأكرم الناس عند الله تعالى أعظمهم تقوى، بفعل الأوامر وترك النواهي” (رجب).
ومن دلالتها أيضًا على التقوى ما جاء في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (سورة البقرة، الآية 179)، فقد أفاد وجود (لعلَّ) مع الفعل في قوله تعالى (لعلكم تتقون) في تفسير ماهية التقوى وحصولها، وقد فسّر قوله تعالى “جعل الله القصاص حياة فكم من رجل يريد أن يقتل فتمنعه مخافة أن يُقتل، ورُوي أيضًا عن ابن مجاهد إذ يقول يا أولي العقول والإفهام والنهى، لعلكم ترجعون فتدركون محارم الله، اذن تقوى الله تعالى اسم جامع لفعل الطاعات وترك المنكرات” (كثير ا.)، وتفسير معنى التقوى في قوله تعالى: (لعلكم تتقون) ما يدلُّ على الانتهاء عن القتل مخافة المعصية والابتعاد عن تقوى الله تعالى.
وقد جاءت (لعلَّ) دالة على اتقاء أوامر الله بما حدّده من الأشياء اللازمة في عبادة المؤمن، ومنه قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (سورة البقرة، الآية: 183)، فقد أشار سياق النّص بواسطة (لعلَّ) مع الفعل في قوله تعالى: (لعلكم تتقون) الإشارة إلى أنَّ الصيام وتحققه كأداء واجب شأنه في ذلك شأن الفروض الأخرى التي تحقق شرط التقوى والصلاح والفوز برضا الله عزَّ جلاله، فالصيام مكتوب على الجميع وهو من مسبّبات التقوى إلى الله تعالى .
ومنه أيضًا ما جاء في دلالة (لعلَّ) على التقوى في الخطاب الموجّه لأهل مكة، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (سورة البقرة، الآية: 21)، يعكس القول السابق الإيجابية في قوله تعالى: (اعبدوا ربكم – التقوى) “حيث تتمثل الإيجابية المكثفة في التقوى، الأمانة، السلم، والموقف الصارم تجاهه في مقابل السلبية المكثفة للطرف الآخر؛ التكذيب، عدم التقوى، الفساد… ” (زوري)، فقد جاءت التقوى عن طريق (لعلَّ) في “الإشارة إلى نسبتها إلى منتهى درجات السالكين، وهو التبري عن كل شيء سوى الله تعالى – إلى الله تعالى” (الحسن).
ثانيًا: في سياق الدلالة على الشكر
وقد جاءت في (ثلاثة ) مواضع:
فالشكر هو حقيقة الرضا باليسير، وهو عرفان الإحسان ونشره، وهو الشكور أيضًا، وقد أشار الأصفهاني إلى أنَّ الشكر هو في تصوّر النعمة وإظهارها، قيل: وهو مقلوب عن الكشر، أي: الكشف، ويضاده الكفر، وهو: نسيان النعمة وسترها (الأصفهاني).
و من دلالة (لعلَّ) على الشكر في سورة البقرة قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة البقرة، الآية: 185)، فقد فُسّر (لعلَّ) مع الفعل (لعلّكم تشكرون) معنى الشكر والهدايةُ تشمل هداية العلم، وهداية العمل، فمن صام رمضان وأكمله، فقد مَنَّ الله عليه بهاتين الهدايتين، وشكره – سبحانه على أربعة أمور؛ إرادة الله بنا اليُسر، وعدم إرادته العسر، وإكمال العدة، والتكبير على ما هدانا، فهذه كُلها نِعَم تحتاج منّا أن نشكر الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه (عثيمين).
ومن دلالة (لعلَّ) والفعل على الشكر ما جاء في قوله تعالى:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ، ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة البقرة، الآيتان: 55- 56)، فقد أفادَ دخول (لعلَّ) على سياق النص في تأكيد دلالة الشكر؛ لأنَّ الشكر هو القيام بطاعة المنعِم إقرارًا بالقلب، واعترافًا باللسان، وعملاً بالأركان (عثيمين) ، وفي ذلك ما يتضافر مع الحكمة من الأفعال الواردة لتعزيز فعل الشكر الخالص لله عزَّ جلاله، ذلك أنَّ كلّ آية من آيات الله تفسرها نعمه التي لا تعدّ ولا تحصى، ولذلك فإنَّ باب الشكر كان واسعًا ومفتوحًا لكلِّ شكور متحدث بنعمة الله عليه.
ومن الآيات الكريمة الدالة على معنى (الشكر) في النص القرآني ما جاء فيها دلالة (لعلَّ) مؤكدة ومفسّرة لهذا المعنى، ومنه ما جاء في قوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ، ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة البقرة، الآيتان: 51- 52)، ففي دلالة (لعلَّ) في قوله:(لعلّكم تشكرون) ما يشير إلى أهمية الحكمة من السياق السابق، بمعنى، “إذ وعدنا موسى أربعين ليلة ثمَّ اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون، وخصَّ الليل بالذكر، إشارة إلى أنَّ ألذّ المناجاة فيه، ما يعكسُ سعة حلم الله عزَّ وجلّ، وأنه مهما بارز الإنسان ربّه بالذنوب، فإنَّ حلم الله تعالى قد يشمله، فيوفق للتوبة، وهؤلاء وفّقوا لها (عثيمين).
بمعنى إنَّ مسألة العفو عن المسألة المذكورة ما هي إلا لتقرير فعل التشكر والشكر في نفوس العباد، على سبيل إصلاحها مما كانت عليه، لتحول عن طريق الشكر إلى حسن المآل والأحوال.
ومن دلالة (لعلَّ) على تضافر معنى الشكر المقترن بالنِّعم التي لا يمكن أن تنتهي، ما جاء في قوله تعالى في الإشارة إلى توقّع الشكر بعد ذلك، وذلك في الآيات التي عرضنا لها، فكل نعمة تُوجب الشكر لما كان مدركًا حقيقة الإيمان وفضل الله، ومن معاني (لعلَّ) ما نجده في الالتفات إلى معنى الهداية، حيث إنَّ الهداية أيضًا من النّعم التي منحها الله عزَّ جلاله لمن يستحّقها من عباده، ولا سيما من اهتدى بعد أن كان غير عارف وسالك لطريق غير الذي أراده الله عزَّ جلاله، فالهداية لها عظيم الأثر في توجيه النفوس وتربيتها وتعليمها على ما أمرنا الله به، حيث اقترن الدعاء بالفعل الحقيقي للهداية لما تزرعه من النفوس من عظيم الثبات والطمأنينة.
رابعًا: في سياق الدلالة على الهداية
وجاء ذلك في(موضعين):
قوله تعالى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (سورة البقرة، الآية 53)، وقد فسّر أنَّ الهداية واجبة من حيث إنها بيان عتو بني إسرائيل، وطغيانهم، لأنه إذا كانت التوراة التي نزلت عليهم فرقانًا، ثمَّ هُم يكفرون هذا الكفر دلَّ على زيادة عتوهم، وطغيانهم، إذ من نزّل عليه كتاب يكون فرقاناً كان يجب عليه بمقتضى ذلك أن يكون مؤمنًا مذعنًا (الرازي، التفسير الكبير).
وفي إشارة أخرى إلى أنَّ الهداية في سياق النّص مقرونة لمن أراد أن يطلبها من الكتب المُنزّلة من السماء، بحيث لا يطلبها من الأساطير وقصص الرهبان وقصص الزهاد والعباد، والفلاسفة، بل من الكتب المنزلة من السماء، وما صحَّ عن رسول الله ﷺ وشُرح وفُسّر على إثره ينبغي الرجوع إليه، لأنه لا طريق للهداية إلى الله إلا ما جاء من عند الله عزَّ وجل (عثيمين، تفسير سورة البقرة).
وبذلك فإنَّ دخول (لعلَّ) قائمة على احتمال وقوع الهداية أو عدمه وذلك مقرون بالاهتداء والعودة إلى ما جاء في الكتب السماوية المنزلة من عند الله تعالى، وهو السبيل الوحيد للاهتداء بعد الجهل والضلالة .
ومن دخول (لعلَّ) على الفعل فيما دلت عليه من أساس الهداية ما جاء في قوله تعالى:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (سورة البقرة، الآية: 150).
فقد رأى الراغب أنَّ الهداية في النص السابق كامنة في تحقيق أوامر الله كما جاء في سياقه، ومن حيث خرجت فولِّ..، ومن التفت بقلبه في صلاته إلى غير ربّه لم تنفعه وجهة بدنه إلى الكعبة ؛ لأنَّ ذلك حكم حق، حقيقته توجّه القلب، ومن التفت بقلبه إلى شيء من الخلق في صلاته، فهو مثل الذي استدبر بوجهه عن شطر قبلته (الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن).
كما أنَّ في دلالة (لعلَّ) على الهداية ما يدلُّ على وجوب الخشية من الله تعالى، لأنَّ الله هو الهادي وهو الميسّر لشؤون العباد، أي أنَّ الهداية مقترنة بفعل التشكر والتقوى والامتثال لأوامر الله عزَّ جلاله، ويشير هذا المعنى إلى أنَّ نعمة الدين الذي شرّعه الله لنا على لسان رسوله الكريم وارتضاه لنا هو دين الإسلام وهو أعظم النعم وأشرفها، وينبغي على كلِّ مُسلم أن يشكر الله طويلاً على هذه الهداية الربانية وأن يشكره كذلك على جميع نعمه وأن يطلب من الله المزيد من فضله .
ومن وجهة أخرى فإنَّ تحقق الهداية في قوله:(لعلكم تهتدون) ما يُشير إلى أنها مختصّة بالمتقين الذي كانوا على بيّنة من ذلك كله، فلا يمكن أن يتحقق الاهتداء لمن كان كفورًا، غارقًا في الظلام والجهل متناسيًا نِعَم الله الكثيرة.
خامسًا: في سياق الدلالة على التفكّر
وذلك في موضعين:
والتفكّر مما دعا الإسلام إليه فيما حولنا من مخلوقات، فالمتأمل في خلق هذا الكون والإبداع في إنشائه وصنعه، ما يدعو الإنسان إلى تعزيز أمر التفكّر في عظيم صنعه تعالى.
وكذلك فإنَّ مفهوم التفكّر يقوم على التأمل في آيات كتاب الله وفي فهم شرائعه وأحكامه، وكذلك ما يكون في تدبر آيات كتابه، والتفكّر في المسائل الكبرى وما يتعلق بها.
ومن دخول (لعلَّ) فيما يدلُّ على انعكاس فكرة (التفكّر) ما جاء في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} (سورة البقرة، الآية: 219).
لقد اقترن مفهوم التفكّر في قوله تعالى ببيان المسألة المشار إليها في أنها إذا حصلت دخلت في حقل الآثام الكبيرة وذلك واضح في الخطاب النصي، وقد فسّرها الآلوسي، “وفي قوله تعالى: ( كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) أي في الآيات، فتستنبطوا الأحكام منها، وتفهموا المصالح والمنافع المنوطة بها، فترجّي التفكّر غاية لتبين الآيات، فتأخذون بالأصلح وتجتنبون عما يضركم ولا ينفعكم أو يضركم أكثر مما ينفعكم” (الألوسي).
كما أنَّ في هذه الدلالة ما يضفي أهمية الحث على التفكّر في آيات الله تمثّلاً لقوله (لعلكم تتفكرون)، والتفكّر لا يقتصر على أمور الدنيا، بل هو في أمور الدنيا والآخرة لقوله تعالى (عثيمين، تفسير سورة البقرة).
فكل ما يرد في هذا المجال يدعو إلى التفكّر في عظيم خلق الله وما أرسله من آيات بينات تدلُّ على ضرورة التفكّر بالكون من حولنا لندرك أهمية الفكر والتفكّر في الأحوال ومصائر الأمور .
ومن التعبير بـ (لعلَّ) مع الفعل بما يدلُّ على حالة التفكّر ما جاء في قوله تعالى في سورة البقرة {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} (سورة البقرة، الآية: 266).
إنَّ دلالة (لعلَّ) تتطابق مع احتمالية التحقق، فكل طرف يعطي تفسير الطرف الثاني، فمعنى إنَّ سياق النص السابق يُعطي إشارات لمن أراد التفكر والتدبّر في الأحوال ومن أراد أن ينال عظيم المآل من الجنة بما فيها، لأنَّ “الحثّ على التفكّر هو الغاية المقصودة بقوله تعالى (لعلكم تتفكرون)، فالإنسان مأمور بالتفكّر في الآيات الكونية والشرعية، فالتفكر يؤدي إلى نتائج طيبة، لكن هذا فيما يمكن الوصول إليه بالتفكّر فيه، أما ما لا يمكن الوصول إليه بالتفكّر فيه، فإنَّ التفكر فيه ضياع وقت، وربما يوصل إلى محظور، مثل التفكر في كيفية صفات الله عز وجل، هذا لا يجوز، لأنك لن تصل إلى نتيجة.. ” (الألوسي، روح المعاني).
سادسًا: في سياق الدلالة على التعقّل
أفادت (لعلّ) دلالة التعقّل في موضعين، فالعقل “هو التثبت في الأمور، وسمّي العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن التورّط في المهالك، أي يحبسه، وقيل العقل هو التميز الذي به يتميز الإنسان عن الحيوان” (منظور، لسان العرب).
والعقل عند الأصفهاني ثلاثة “عقل مولود مطبوع وهو عقل ابن آدم به فضل على أهل الأرض وهو محل التكلف والأمر والنهي ويكون التدبير والتمييز، والعقل الثاني: عقل التأييد الذي يكون مع الإيمان معًا، وهو عقل الأنبياء والصديقين وذلك تفضل من الله تعالى، والعقل الثالث: هو عقل التجارب والعبر وذلك ما يأخذه الناس بعضهم من بعض” (الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن).
فمن خلال صورة العقل يميّز الإنسان في المسائل الخيّر منها من الشر، والهدي من الظلالة والصواب من الخطأ، “والعقل على شرف منزلته لن يستقبل بالهداية إلا باتباعه الوحي، والوحي لن يتبين مرادها إلا بواسطة العقل، فكلاهما محتاج للآخر، ولن يعارض العقل الصحيح مع النقل الصريح” (إسماعيل، العقل ودوره في استنباط الأحكام الشرعية، 2017).
ومن دلالة (لعلَّ) في الإشارة إلى معنى (التعقّل) كما جاء شاهدًا في سورة البقرة ما جاء في نحو قوله تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ، كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (سورة البقرة، الآيتان: 241- 242).
فالعقل مهما كان عاليًا في قدراته وصائبًا في اختياراته، فلا يبلغ حدًّا يشرّع ويقنّن، ولو ترك الله التشريع والتقنين للعقول لاختلط عليهم الأمر في معرفة الحسن والقبح للأفعال، ولما كان بإمكانهم التميز بين النفع والضرر، وقد أشار ابن عثيمين إلى أنَّ مسألة التعقل في قوله تعالى: (كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تعقلون) ما يدعو إلى أنه ينبغي “ذكر الأوصاف التي تحمل الإنسان على الامتثال فعلاً للمأمور، وتركاً للمحظور، لقوله تعالى، لأنَّ عدم القيام به مخالف للتقوى، والقيام به من التقوى (تفسير سورة البقرة، ص 180) “، وترجيح العقل بواسطة (لعلَّ) يفيد إلى حالة التأكيد على أنَّ المسألة تفسر بحسب ورودها في سياقها النصي فيما تشير إليه من العقل والتعقل في خصوص ذلك.
ومن دلالة (لعلَّ) على التعقل ما يقتضي النظر إلى ما سبقها في السياق المتتابع، ومنه ما جاء في نحو قوله تعالى:{وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ، قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ، وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ، فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (سورة البقرة، الآيات: 67- 73)، فالآية الكريمة تعكس الفكرة القائمة على الاهتداء والتعقل، حيث أفاد دخول (لعلَّ) على الكلام أهمية ما يمكن فهمه من ذلك الترجيح في الحصول، فالتعقل قد يحصل نظرًا لذلك ولا سيما بعد ما أورد من كلام سابق كان قد مهّد لسلسلة الأحداث المتصلة في سياقها.
فهذه القصة تعكس أهمية التعقل وتعزيزه في نفس السامعين، “ففي قوله تعالى (اتخذنا هزوا)، لأنه لا يليق بالعقلاء الأفاضل، فإنه أخص من المزح، لأنَّ في الهزو مزحًا مع استخفاف واحتقار للممزوح معه، على أنَّ المزح لا يليق في المجامع العامة والخطابة، على أنه لا يليق بمقام الرسول، ولذا تبرأ منه موسى” (عاشور).
بمعنى إنَّ التمهيد في سياق الآيات الكريمة كان لنفي الجهل وإظهار أهمية العقل، “وفي قوله تعالى: (أعوذُ باللهِ أنْ أكونَ من الجاهلين) ما يبتعد فيه التفسير عن الاستهزاء بالناس من الجهل وهو الحمق والسفه” (عثيمين، تفسير سورة البقرة).
سابعًا: في سياق الدلالة على الفلاح
وردت هذه الدلالة في موضعين، والفلاحُ في الآية “الظُّفر وإدراك بغية، وذلك ضربان دينيوي وأخروي، فالدنيوي: الظفر بالسعادات التي تطيب بها الحياة الدنيا، وهو البقاء والغنى والعز وفلاح أخروي وذلك أربعة أشياء: بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وعلم بلا جهل” (الماوردي، 1987).
و للفظة (الفلاح) في النص القرآني تفسيرها الذي يتقاطع مع المعنى القائم للفلاح على “أنَّ المُفلحين هم المُنجحون المُدركون ما طلبوا عند الله تعالى ذكره بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله، من الفواز بالثواب والخلود في الجنان، والنجاة مما أعدَّ الله تبارك وتعالى لأعدائه من العقاب” (قتيبة، 1987).
لذلك، فإنَّ الفلاح هو الفوز وصلاح الحال في الدنيا والآخرة، ومن دلالة (لعلَّ) على الفلاح ما جاء في قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة البقرة، الآية: 189)، إذ تشير الدلالة لـ (لعلَّ) مع الفعل في قوله تعالى (لعلكم تفلحون) ما يتقاطع مع حصول الفلاح على تحقق التقوى في قوله تعالى، فقد حصر الله تعالى الفلاح فيهم، لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم وما عدا تلك السبل فهي سبيل الشقاء والهلاك والخسران، فهذه الآيات تفيد أنَّ الفلاح وهو الظفر بالبغية ثمرة مترتبة على تقوى الله، و(لعلَّ) وإن كانت تفيد الرجاء والطمع في حصول المرغوب، فإنها تفيد القطع والوجوب في حقه تعالى “ولعلَّ من الله تعالى واجبة، وإن كانت رجاء ومعًا في كلام المخلوقين ؛ لأنَّ الخلق هم الذين يعرض لهم الشكوك والظنون والبارئ منزّه عن ذلك” (الزركشي، البرهان في علوم القرآن) .
ولذلك فإنَّ دلالة (لعلَّ) تتقاطع مع دلالة على الفلاح من أنَّ (لعلَّ) أفادت معنى (كي)، و(لعلَّ) من الله واجب، وقد فسّرت جملة (لعلكم تفلحون) بأنها ظاهرها متعلق بجملة ( اتقوا الله)؛ لأنَّ تقوى الله هي جماع الخير من امتثال الأوامر واجتناب النواحي، فعلّق التقوى برجاء الفلاح، وهو الظفر بالبغية والتعبير بالمضارع (تفلحون) يفيد الاستمرار والتجدد (البقاعي، 1984)، وهنا يتضافر معنى (لعلَّ) على (التقوى والفلاح) لأنَّ “البر هو التقوى وهو شعور بالله ورقابته في السر والعلن، وليس شكلية من الشكليات التي لا ترمز إلى شيء من حقيقة الأيمان، ولا تعني أكثر من عادة جاهلية، كذلك أمرهم بأن يأتوا البيوت من أبوابها وكرر الإشارة إلى التقوى بوصفها سبيل الفلاح” (قطب، في ظلال القرآن).
ثامنًا: في سياق الدلالة على ضرورة التذكير
جاءت في آيتين، الأولى في قوله تعالى:{وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (سورة البقرة، الآية: 221)، لقد كوَّنَ الفعل مع (لعلَّ) في قوله تعالى: (لعلهم يتذكرون) الدلالة على أنَّ السياق فيه الإشارة إلى ضرورة التذكير، وقد فسّر الألوسي ذلك بقوله “وفي قوله تعالى (أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، المقصود من الآية أنَّ المؤمن يجب أن يكون حذراً عمّا يضرّه في الآخرة وأن لا يحوم حول حمى وذلك ويتجنب عما فيه الاحتمال، مع أنَّ النفس والشيطان يعاونان على ما يؤدي إلى النار” (الألوسي، روح المعاني).
ومن دلالة (لعلَّ) فيها من معنى الترجيح في التذكير لشأن الذين يدعون إلى النار، المعنى من ذلك “أنَّ أولئك يدعون إلى النار، أي: في أقوالهم أو أفعالهم وأحوالهم على خطر منهم، والخطر ليس من الأخطار الدنيوية، إنما هو من الشقاء الأبدي، ويستفاد من تعليل الآية: النهي عن مخالطة كل مشترك ومبتدع، لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة، فالخلطة المجردة من باب أولى، وخصوصاً الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم” (تفسير السعدي).
تاسعًا: الدلالة الإرشادية
ووردت في موضع واحد في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (سورة البقرة، الآية: 186)، فيها (لعلَّ) من التقاطع الدلالي في قوله تعالى (لعلهم يرشدون)، وفي هذه الآية إشارة جميلة إلى أنَّ الصائم مرجو الإجابة، وإلى أنَّ شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان (عاشور، التحرير والتنوير).
الخاتِمة
- كشفت الدراسة الإحصائية أنّ الحرف (لعلّ) وارد مع الأفعال في (15) آية مباركة
وهذه الأفعال كلّها جاءت بصيغة الأفعال الخمسة.
- لقد عكس الترتيب للموقع الإعرابي لـ(لعلّ) مع اسمها وخبرها الشكل الواحد من حيث الموقع الإعرابي وتكرار هذا الشكل في كل مرة يرد فيه الحرف مع الاسم والخبر.
- الملاحظ أنّ كل جملة وردت فيها (لعلّ) أفادت معنى التعليل أو الاستئناف أو الدلالة على الحال، وذلك بالنظر إلى القرائن اللفظية التي تفسر موقع الإعرابي لـها مع اسمها وخبرها في سياقات النص القرآني في سورة البقرة .
- إن دراسة المعاني التي يمكن أن تكون لـ(لعل) كما يظهر في النص القرآني يعكس التعدد الدلالي بحسب المعنى التوجيهي الذي يعكسه المفهوم من توظيفها، فجاءت في سياق الدلالة على التقوى في (خمسة)مواضع ,ودالة على الشكر في (ثلاثة)مواضع، ودالة تحقّق الهداية في(موضعين)، ودالة على تحقق التفكّر في (موضعين)، ومن ثمّ دالة على التعقّل في (موضعين)، ودالة على الإرشاد في (موضع واحد).
- يظهر من خلال تحليل (لعلّ) في سورة البقرة مدى الترابط بين البنية النحوية والدلالة التربوية في القرآن الكريم. فهي لا تأتي عبثًا، بل تسبقها أفعال وتوجيهات إلهية وتليها نتائج مرجوة ترسّخ مقاصد التشريع، ما يجعل من (لعلّ ) أداة ذات أثر بلاغي عظيم.
قائمة المصادر والمراجع
- القرآن الكريم
- الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي (توفي 1505)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، ط1، دمشق، سوريا، 2208.
- ارتشاف الضرب من لسان العرب، أبو حيان الأندلسي (توفي 1344)، تحقيق: رجب محمد، ط1، القاهرة، 1998.
- الأساليب الإنشائية في النحو العربي، عبد السلام هارون (توفي 1988)، مكتبة الخانجي، ط٣، مصر، 1979.
- الإسلام وعلم الاجتماع، محمود البستاني (توفي 1980)، مجمع البحوث الإسلامية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان1994.
- الأصول في النحو، ابن السراج (توفي 929)، تحقيق: عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، د. ت.
- إعراب القرآن الكريم، أحمد عبيد الدعاس- أحمد محمد حميدان – إسماعيل محمود القاسم، دار المنير ودار الفارابي – دمشق، ط1، 1425هـ.
- إعراب القرآن الكريم، مجموعة من المؤلفين، دار الصحابة للتراث،طنطا، 2006.
- إعراب القرآن للأصبهاني، إسماعيل بن التيمي الأصبهاني، أبو القاسم، الملقب بقوام السنة (ت 535هـ)، قدمت له ووثقت نصوصه: الدكتورة فائزة بنت عمر المؤيد، ط1، 1995.
- إعراب القرآن وبيانه، محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش (ت 1403هـ)، دار الإرشاد للشئون الجامعية – حمص – سورية، ط4، 1415هـ
- الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل، بهجت عبد الواحد صالح (توفي 2016)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، عمان، 1418 هـ..
- البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، أبو العباس الحسني (توفي 1224هـ).
- البرهان في علوم القرآن، الزركشي (توفي 1392)، تحقيق: محمد إبراهيم، دار التراث، القاهرة، د. ت.
- التذييل والتكميل في شرح التسهيل، أبو حيان الأندلسي (توفي 1344)، تحقيق: حسن هنداوي، دار العلم، ط1، دمشق، د.ت.
- تفسير التحرير والتنوير، ابن عاشور (توفي 1973)، تونس، 1984.
- تفسير الفاتحة والبقرة، ابن عثيمين (توفي 2001).
- تفسير القرآن الكريم، عماد الدين أبو الفداء (توفي 1331)، ط1، دار نوبلیس، بيروت.
- التفسير الكبير، الرازي (توفي 925)،دار الفكر للنشر والطباعة والتوزيع،بيروت.
- تفسير الماوردي، الماوردي (توفي 1058)، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، د. ت.
- التفسير المميز في العقيدة والشريعة والمنهج، وهبة الزحيلي (توفي 2015)، دار الفكر المعاصر، ط2، دمشق، د. ت.
- جماليات التلقي في السرد القرآني، ياد زوري، رسالة دكتوراه، كلية الآداب، جامعة الموصل.
- الدرة في تفسير سورة البقرة، ميادة الماني، مؤسسة الرسالة العالمية، ط1، بيروت، لبنان، 2006.
- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني؛ شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (ت1270هـ),تح: علي عبد الباري عطية,ط1, دار الكتب العلمية – بيروت، 1415 هـ.
- شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ابن عقيل (توفي 1367)، تحقيق: محمد عبد الحميد، مؤسسة السعادة، ط14، مصر، 1964.
- شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، الأشموني (توفي 1464)، تحقيق: محمد عبد الحميد، مكتبة النهضة المصرية، 1955.
- شرح التسهيل، ابن مالك (توفي 1274)، تحقيق: عبد الرحمن السيد، دار هجر، ط1، 1990.
- صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني، دار القرآن الكريم طط4، بيروت، 1988.
- العقل ودوره في استنباط الأحكام الشرعية، هارون إسماعيل، مجلة الحكمة، العراق، 2017.
- غريب القرآن، ابن قتيبة (توفي 889)، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1987.
- في ظلال القرآن، سيد قطب (توفي 1966)، دار الشروق، ط12..
- الكتاب، سيبويه (توفي 796)، تحقيق: عبد السلام هارون، الهيئة المصرية، 1977.
- الكشف والبيان عن تفسير القرآن، أحمد الثعلبي (توفي 1035)، تدقيق: نظير الساعدي، بيروت، لبنان.
- لسان العرب، ابن منظور (توفي 1312)،محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، ط1، دار صادر – بيروت، (د.ت).
- معالم التنزيل في تفسير القرآن، تفسير البغوي (توفي 1123)، تحقيق: محمد النمر، دار طيبة، ط٤، 1997.
- المفردات في غريب القران؛ أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهاني(ت502هـ),تح: صفوان عدنان الداودي,ط1,دارالقلم-بيروت,الدار الشاميّة-دمشق,1412هـ.
- المفصّل في علوم البلاغة العربية، عيسى العاكوب، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، جامعة حلب، 2000.
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، البقاعي (توفي 1480)، دار الكتاب الإسلامي – القاهرة، 1984.
حقوق النشر © محفوظة لمجلة الضاد الدولية – العدد السابع، حزيران 2025.
يُمنع إعادة نشر هذا البحث أو نسخه أو استخدامه لأغراض تجارية أو إعادة توزيعه كليًا أو جزئيًا بأي وسيلة، من دون إذنٍ رسمي وخطي من إدارة مجلة الضاد الدولية حصراً.
تنويه مهم:
يُسمح بالاستشهاد العلمي من هذا البحث، سواء بالنقل الحرفي القصير ضمن علامات تنصيص، أو بإعادة الصياغة،
وذلك ضمن الأطر الأكاديمية المعترف بها، وبشرط الالتزام الكامل بقواعد التوثيق العلمي وذكر المرجع بشكل صحيح
(اسم المؤلف، عنوان البحث، المجلة، العدد، تاريخ النشر، الصفحات).
إن الاستشهاد العلمي لا يُعدّ انتهاكًا للحقوق الفكرية، بل هو حق مشروع ضمن أخلاقيات البحث العلمي.
لأي استفسار أو طلب إذن رسمي لإعادة استخدام المحتوى، يُرجى التواصل مع إدارة المجلة عبر البريد الإلكتروني:
📩 Dhadinternationaljournal@gmail.com
الموقع الإلكتروني للمجلة: dhadinternationaljournal-hss.com